مسألة : ذهب قوم في تلنّة إلى أنّ النّون بدل من اللّام والأصل تللّة من قولهم : تلّة إذا دفعه وهذا بعيد ؛ لأن التّلنّة التمكّث والبقية ، وذلك بعيد من معنى الدفع والصحيح أنها أصل.
وذهب قوم إلى أن النّون في اللّغنون بدل من الدال في اللّغدود وهو بعيد والصحيح أنّها لغة.
فصل في إبدال التاء
قد أبدلت من الواو إذا كانت فاء ووقعت بعدها تاء افتعل نحو : اتّعد واتّزن والعلّة في ذلك أنّ الواو هنا ساكنة بعد كسرة وبعدها تاء وبين التّاء والواو مقاربة ؛ لأن التّاء من طرف اللّسان وأصول الثنايا وفيها نفخ يكاد يخرج من بين الثّنايا إلى باطن الشّفة والواو تخرج من بين الشفتين بحيث تكاد تقرب من باطن الشّفة ، وإذا كان كذلك شقّ إخراج الواو ساكنة قبل التّاء فحوّلت إليها وأدغمت ، وهما أبدل الواو منه تاء أسنتوا والأصل أسنووا ؛ لأنه من سنة الجدب والأصل فيها سنوة وهذا البدل غير مطّرد ألا ترى أنّك لا تقول من أعطوا أعطيوا.
وقال بعضهم : أبدلت الواو ياء ثم أبدلت الياء تاء على ما نذكره فأمّا التّاء في تراث فبدل من الواو للعلّة التّي ذكرنا من مقاربة التاء للواو ويدلّ على ذلك أنّه من ورثت والوراثة والموروث والوارث ، وكذلك تخمة وهو من الوخامة وتكأة من توكأت وتكلة من توكّلت ووكله ووكيل وتهمة من الوهم ؛ لأن المتّهم يبني الأمر على مجرّد الوهم وقالوا : تولج ، والأصل : وولج فوعل من الولوج ، وقالوا : تيقور وهو فيعول من الوقار.
(تالله) التاء بدل من الواو ، وقد ذكرنا ذلك في باب القسم وقالوا : هنت وهي من الواو لقولهم : هنوات وفي التصغير هنيّة فالياء الثانية بدل من الواو وقالوا : بنت وهي من البنوّة ، والأصل : بنوة فأبدلوا منها التاء وجعلوها على مثال جذع وعدل وخصّوا الإبدال بالتأنيث وليست التاء للتأنيث ؛ لأنها تثبت في الوقف وقبلها ساكن وليست كذلك تاء التأنيث والتاء في أخت بدل من الواو ؛ لأنها من الأخوّة وتقول في الجمع إخوة وإخوان ففعلوا فيها ما فعلوا في بنت ووزنها فعل مثل : قفل ، فإن جمعت بنتا قلت : بنات فحذفت لام الكلمة التي أبدلت في الواحد تاء فوزنها الآن فعات وإن جمعت أختا قلت : أخوات فلم تحذف اللّام ، والفرق بينهما