فصل في الفعل المضاعف
وهي تجيء على ثلاثة أضرب : فعل يفعل نحو : ردّ يردّ ، وفعل يفعل نحو : عضّ يعضّ ، وفعل يفعل نحو : فرّ يفرّ ، والأصل في ذلك كلّه حركة الحرف الثاني ، إلّا أنّهم استثقلوا الجمع. بين المثلين ، وسبب ذلك أنّه إذا نطق بالحرف ثم نطق بمثله عاد إلى الموضع الذي رفع لسانه عنه من غير فصل وفي ذلك كلفة ، وقد شبّهوا ذلك بمشي المقيّد كالذي يتحرك للمشي ولا يفارق موضعه فعند ذلك سكّن الحرف الأوّل ولم تنقل حركته إلى ما قبله في الماضي ؛ لأن أوّل الماضي متحرك فلم يحتمل حركة غيره.
فأمّا في المستقبل فكلّهم ينقل حركته إلى ما قبله ؛ لأن ما بعد حرف المضارعة ساكن يقبل الحركة ثم أدغموا العين في اللّام فصار يردّ ويعضّ ويفرّ هذا إذا كان الفعل معربا بالحركة ، فإن كان مجزوما أو مبنيّا على السكون نحو لم يردّ وردّ ففيه مذهبان :
أحدهما : الإدغام استثقالا للنّطق بالمثلين ، إلّا أنّ المثلين إذا كان مضموم الأوّل جاز تحريك الطّرف بالضمّ إتباعا وبالفتح إيثارا للأخفّ ، وبالكسر على أصل التقاء السّاكنين ولا بدّ من التحريك لئلّا يجمع بين ساكنين ، والأجود في المجزوم أن لا يحرّك بالضمّ لئلا يشبه الرفع وإن كان أوّله مفتوحا أو مكسورا نحو : عضّ وفرّ جاز فيه الكسر على الأصل والاتباع والفتح تخفيفا أو إتباعا وإنّما سكّن الأوّل ليصحّ إغامه ؛ لأن المتحرك قويّ بحركته فلا يصحّ رفع اللّسان عن الحرفين رفعة واحدة مع تحرّك الأوّل ؛ لأنها تصير كالحاجز بينهما ولا يصحّ الإدغام فإن بني الماضي لما لم يسمّ فاعله فالوجه ضمّ أوّله على الأصل ويجوز كسره بأن ينقل حركة المدغم إليه.
وأمّا قال وباع فالجيّد كسر الأوّل وقلب الواو ياء ويجوز أن يشمّ الضمّ ، وأن يضمّ ضمّا خالصا فتصير العين واوا بكلّ حال.