لا يصلاها إلا أشقى الناس كلهم ، فلا يساعد عليه سياق آيات صدر السورة ، وكذا الانذار العام الذي في قوله : (فأنذرتكم نارا تلظى) فلا معنى لأن يقال : أنذرتكم جميعا نارا لا يخلد فيها إلا واحد منكم جميعا ، ولا ينجو منها إلا واحد منكم جميعا. انتهى.
وأما قوله : (وهذا الوصف لا يصدق على علي عليهالسلام ، لأنه كان في تربية النبي (ص) ...).
فيقال عليه : إن توهمه العموم في الآية حمله على التفوه بذلك ، حيث ظن أن المراد بقوله عز من قائل : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) أن لا يكون عنده نعمة يكافئ عليها أعم من أن يكون ذلك الأحد من الذين آتاهم النعمة أم لا ، وهذا خلاف الظاهر ، إذ لم يكن أبو بكر نفسه كذلك قطعا ، كيف؟! وقد كان في حجر تربية والديه كما كان علي عليهالسلام في تربية النبي (ص) ، وكان (ص) في حجر تربية عمه أبي طالب رضياللهعنه ، بل لا يكاد يوجد على وجه البسيطة من لا يكون لأحد في حقه حق نعمة من طعام أو شراب ونحوهما ، فليس المقصود في الآية ـ والله أعلم ـ نفي خصوص نعمة النبي (ص) ، بل نفي نعمة كل من آتاه النعمة ، أي لا يكون عنده لأحد من الذين آتاهم النعمة نعمة تجزى (١٢٥) ـ كما هو ظاهر ـ.
وأما قوله : (بل كان أبو بكر ينفق على الرسول (ص) ...).
فهو بيت القصيد ، وعليه تدور رحى استدلال الفخر الرازي التيمي البكري بالآية على أفضلية أبي بكر بن أبي قحافة!
وينبغي بسط المقال في هذا المجال ، لتنكشف لك حقيقة الحال وتعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال ، فنقول :
__________________
(١٢٥) الصوارم المهرقة ٣٠٥ ـ ٣٠٦.