تنبيه
استدل الفخر الرازي في تفسيره الكبير (١٣٢) بقوله تعالى : (وما أسألكم عليه من أجر) (١٣٣) وأنت خبير بأن هذه الآية مخصصة بآية المودة في القربى ، فتنبه.
هذا ، وقد تبين لك أن السيوطي لم يبذل وسعه وجهده في تحقيق المسألة ، وكان الأولى له قبل الكتابة أن ينظر كتب التفسير وغيرها مما يحتاج إليه في هذا الشأن ، ويتعب كل التعب ، ويجد كل الجد ، ويعتزل الراحة والشغل ، ولا يسأم ولا يضجر ، ويدع الفتيا تمكث عنده الشهر والشهرين والعام والعامين ، فإذا وقف على متفرقات كلام الناس في المسألة ، ونظر وحقق ، وأورد على نفسه كل إشكال ، وأعد له الجواب المقبول ، حطم حينئذ على الكتابة ، وحكم بين الأمراء ، وفصل بين العلماء! وأما الاستعجال في الجواب والكتابة بمجرد ما يخطر بباله ، أو يظهر في بادئ الرأي مع الراحة والاتكال على الشهرة فإنه لا يليق!
وليته التزم بذلك إذ عذل به الجوجري ونسي نفسه ، والله تعالى يقول : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) (١٣٤) وقال عز من قائل عظيم : (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) (١٣٥) فما أحراه بقول أبي الأسود الدؤلي رحمهالله :
__________________
(١٣٢) التفسير الكبير ٣١ / ٢٠٤.
(١٣٣) سورة الشعراء ٢٦ : ١٠٩ و ١٢٧ و ١٤٥ و ١٦٤ و ١٨٠.
(١٣٤) سورة البقرة ٢ : ٤٤.
(١٣٥) سورة الصف ٦١ : ٢ و ٣.