أفتسلم يا رسول الله؟
قال : نعم ،
قال : سمعا وطاعة وطيبة نفسي بالفداء لك يا رسول الله.
ثم أتى مضجعه واضطجع وتسجى بثوبه. وجاء المشركون من قريش فحفوا به لا يشكون أنه رسول الله ، وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش ضربة بالسيف لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه ، وعلي يسمع ما القوم فيه من تلاف نفسه ، ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار.
ولم يزل علي صابرا محتسبا فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش ، حتى أصبح ، فلما أصبح قام ، فنظر القوم إليه ، فقالوا : أين محمد؟ قال : وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا : فلا نراك إلا مغرورا بنفسك منذ ليلتنا.
فلم يزل علي أفضل ، ما بدا به يزيد ولا ينقص ، حتى قبضه الله إليه) (٨).
وأما الآية الأخرى ، فقد ذكرنا في تعليقة (المواقف) في الجواب عن الاستدلال بها وجوها :
الأول : إن نزولها في أبي بكر غير متفق عليه بين المفسرين من أهل السنة ، وحتى كونه قول أكثر المفسرين غير ثابت ، وإن جاء ذلك في شرح المواقف (٩).
ومن المفسرين من حمل الآية على العموم ، ومنهم من قال بنزولها في
__________________
(٨) العقد الفريد ٥ / ٣٤٩.
(٩) شرح المواقف ٨ / ٣٦٦.