أن معظمها لا تتصف بالتعارض بمعنى التنافي بين دليلين على نحو التدافع ، كما لو كان الحكم في أحدهما ينص على حلية شئ ، والآخر على حرمته. ولا على نحو التناقض ـ في معظمها ـ كما لو دل دليل على الأمر بفعل شئ ، ودل الآخر على النهي عن ذلك الشئ نفسه ، مع تعذر معرفة المتأخر من الدليلين ـ مثلا ـ حتى يعد ناسخا لما قبله.
وقد تبين أن هذا النوع من التعارض لا يمكن حصوله قطعا في مسألة الإمام المهدي عليهالسلام ، لأن دليلها دليل قطعي ، وهو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأهل بيته عليهمالسلام ، والتعارض لا يحصل بين دليلين قطعيين ، لأن حصوله يعني القطع بحصول التنافي في كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو كما ترى!
وأما ما حصل من تعارض سواء كان مستقرا أو بدويا فهو لا يمت بصلة إلى أصل المسألة ، وإنما ارتبط بتفاصيلها في معظمه ، إلا ما كان من حديث (ولا مهدي إلا عيسى بن مريم) وقد تقدم ما فيه.
على أنه قد تبين أيضا أن اختلاف وتعارض بعض تفاصيل هذه المسألة أمكن إزالتها بسهولة ، وذلك بإرجاع بعض الأحاديث إلى بعض ، كإرجاع عامها إلى خاصها ، ومطلقها إلى مقيدها ، أو الجمع بين مدلولاتها على معنى واحد لا اختلاف أو تعارض فيه.
كما بين البحث أن كثيرا من تلك الأحاديث التي يظن فيها التعارض للصحيح الثابت ، لم يتوفر فيها شرط التعارض وهو التعادل ، كتعادلها مثلا في الشهرة وعدالة الرواة ونحوهما ، بما لم نجد في جميع تلك الأحاديث حديثا واحدا قد تعادل مع مثبتات وجود الإمام المهدي عليهالسلام ، وظهوره في آخر الزمان في كل شئ ، وعجز العلماء عن إيجاد مزية لأحدهما على الآخر ، وفقدت الصفات المرجحة لأحدهما تماما.