منزلة «العين» في المعجمات العربية
كان الخليل فكّر ، وأطال التفكير في صنع كتاب في اللّغة يحصر لغة العرب كلّها ، لا تفلت منه كلمة ، ولا يشذّ منها لفظ ، وهداه عقله الناقد الفاحص إليه ، وخطا في ذلك خطوات علمية محكمة ، وأقام خطته على نظام رياضي دقيق.
بني الخطّة على أساس من عدّة الأصول التي تتألف منها للكلمة ، ولم يعبأ بالزوائد ، وقد توافرت لديه أبواب منتظمة محبوكة حبكا رياضيا متقنا.
عدّة أبواب كتاب العين هي عدة الحروف السواكن يضاف إليها باب خاص بأحرف العلّة ، وأول أبواب الكتاب باب العين الذي اتخذ منه اسم هذا المعجم ، وينطوي فيه الكلمات المستعملة التي تتألف من العين مع ما يليها.
ويليه باب الحاء ، وينطوي فيه الكلمات المستعملة التي تتألف من الحاء مع ما يليها.
ويليه باب الهاء وينطوي فيه الكلمات المستعملة التي تتألف من الهاء مع ما يليها.
ثم باب الخاء ، وفيه الكلمات المستعملة التي تتألف من الهاء مع ما يليها.
ثم باب الغين وفيه الكلمات المستعملة التي تتألف من الغين مع ما يليها ، وبالغين تنتهي مجموعة حروف الحلق ، وهي تعادل نصف الكتاب.
فإذا انتهى من مجموعة أصوات الحلق بدأ بمجموعة اللهاة وفيها حرفان هما القاف والكاف وباب القاف يحتوي الكلمات التي تتألف من القاف مع ما يليها ، وكذلك باب الكاف.
وهكذا ينتقل من مدرجة إلى ما يليها حتى ينتهي إلى مدرجة الشفتين ، وفي صفحة الشفتين عنده ثلاثة أحرف صحاح هي الفاء والباء والميم ، وأبواب هذه الحروف صغيرة جدا ، لأنها إنما تحتوي الكلمات التي تتألف منها مع ما يليها ، ولا يلي الفاء إلّا الباء والميم ولا يلي