منزلة كتاب العين في تاريخ علم الفقه
تقدم علم اللغة في النصف الثاني من القرن العشرين خطوات واسعة بحيث غدا علما جديدا له طرائقه العلمية التي ابتعدت عن التأمل الذاتي كما كان علم اللغة عند قدماء اللغويين.
لقد أصبح علم اللغة في الدراسات الحديثة مادة منهجية يدرسها الطلاب في مرحلتهم الجامعية في الأقسام اللغوية كما يدرسها غيرهم من طلاب علم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة في سني تخصصهم واعدادهم.
إن علم اللغة في هذا الحيز من الدراسات اللغوية الحديثة علم قائم على الملاحظة والتجربة العلمية. وهو من أجل ذلك مادة جديدة. غير أن هذا العلم الجديد مما يجهله طالب اللغة في جامعاتنا العربية. انه ليس مادة «انشائية» تملى على الطلاب ، بل هو بحث وتجربة علمية
أقول : «انه ليس مادة انشائية» لأصرف النظر الى حقيقته العلمية التي تبتعد عن السرد القصصي في كثير من المواد التي تفيد من التأمل والاستقراء والاستنتاج.
إن علم اللغة في عصرنا كسائر العلوم الإنسانية التي أفادت من التقدم العلمي ومما يدعى ب «التكنولوجيا» الحديثة. إن الآلة الجديدة الدّقيقة قد غزت ميدان هذا العلم ، لا سيما ما كان منه متصلا ب «الأصوات». ثم إنّنا واجدون كل يوم نمطا جديدا من هذا الغزو العلمي الذي استعان به علماء اللغة في عصرنا الحاضر.
غير أن شيئا من ذلك ما زال بعيدا عن عالمنا العربي ، مجهولا كل الجهل ، فلم تدرس اللغة بوجه عام ولم تدرس العربية بوجه خاص الدراسة الموضوعية ، ولم يستعن بشيء من مبتكرات العلم الحديث على فهم أصواتنا فهما جيدا تحليليا وتركيبيا دقيقا. ثم إنّنا ما زلنا غير شاعرين بحاجتنا الى الأخذ بشيء يسير في أساليب البحث الجديد.