«العين» ، وذلك لان ابن منظور صاحب اللسان والزبيدي صاحب التاج وأمثالهما من المتأخرين قد سجلوا مواد لم تكن معروفة بفصاحتها في عصر الخليل مثلا أو عصر الجوهري صاحب الصحاح المتوفى سنة ٣٨٣ ه ، ومعاصره ابن فارس المتوفى سنة ٣٩٥ ه.
وهذا يعني أن معيار الفصاحة في خلال القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة غيره في القرون المتأخرة.
إذا عدنا الى «العين» اهتدينا الى أن الخليل كان قد فطن الى شيء في التطور التاريخي للعربية. لقد بدأ الخليل بذكر المضعف الثلاثي وهو يشعرنا بهذا البدء أن المضاعف الثلاثي قائم على الثنائي الذي يصار منه الى الثلاثي. وهو من أجل ذلك يدعوه ب «الثنائي».
ومعنى هذا أن طريقة تضعيف عين الكلمة هي الطريقة الأولى في نقل الثنائي الى الثلاثي ، حتى إذا تم الثنائي على هذا النحو انتقل الى الثلاثي فيستوفيه ثم يعرض لما زاد على الثلاثي في هذا البناء المرتّب على الثنائي ثم نقل الى المضعف ، ثم إلى غير المضعف. ومن هنا ندرك أن الخليل كان على علم واضح بأبنية العربية وتطورها التاريخي.
لقد ذهب الخليل الى «أن العرب تشتق في كثير من كلامها أبنية المضعف في بناء الثلاثي المثقّل بحرف التضعيف» (مقدمة التهذيب).
لقد سمى الخليل كتابه «العين» وهذا يعني أنه ابتدأ بصوت العين واتبع نظاما خاصّا ابتدعه فلم يتبع النظام الابجدي ولم يتبع نظام الالفباء الهجائي.
إن الأصوات اللغوية عند الخليل على النحو الآتي :
ع ح ه خ ع ، ق ك ، ج ش ض ، ص س ز ، ط د ت ، ظ ث ذ ، ر د ن ، ف ب م ، وا ي همزة.
وقد أشار الخليل في مقدمة العين الى اهتدائه الى عمله الكبير. وهو في هذا العمل يضع البداية الأولى لعلم الأصوات في العربية. نعم لقد حفل كتاب سيبويه بمادة مهمة في هذا الموضوع ، وأكبر الظن أن سيبويه قد أفاد من الخليل كثيرا ذلك أنه في «الكتاب» قد