«تهتدي الإنسانية في الإسلام» يشتمل على الأقسام الثلاثة ، ف «الإنسانية» و «الإسلام» من الأسماء ، و «في» حرف من حروف الجرّ ، و «تهتدي» فعل من أفعال المضارعة.
وإذا درسنا مفردات هذه الجملة بشيءٍ من الدقّة نجد أنّ كلمة «الإنسانية» لو فُصلت عن سائر الكلمات وبقيت بمفردها لظلّت تحتفظ بمدلولها ومعناها الخاصّ ، وكذلك كلمة «الإسلام» توحي بنفس المعنى الخاصّ بها ، سواء كانت جزءاً من الجملة أو منفصلةً عنها. وأمّا كلمة «في» فهي تفقد معناها إذا جُرِّدت عن الجملة ولوحظت بمفردها ، إذ لا توجد في ذهننا عندئذٍ أيّ تصورٍ محدّد ، بينما هي في داخل الجملة شرط ضروري فيها ، إذ لولاها لَما استطعنا أن نربط بين الإنسانية والإسلام ، فلو قلنا : «تهتدي الإنسانية الإسلام» لأصبحت الجملة غير مفهومة ، فكلمة «في» تقوم بدور الربط بين الإنسانية والإسلام (١) ، وهذا يعني أنّ معنى الحرف هو الربط بين معاني الأسماء والتعبير عن أنواع العلاقات والروابط التي تقوم بين تلك المعاني ، فكلمة «في» في قولنا : «تهتدي الإنسانية في الإسلام إلى أرقى الثقافات» تعبِّر عن نوعٍ من الربط بين الإنسانية والإسلام ، وكلمة «إلى» في قولنا : «تهتدي الإنسانية إلى الإسلام كلّما ازداد وعيها» تعبِّر عن نوعٍ آخر من الربط بينهما ، و «ب» في قولنا : «تهتدي الإنسانية بالاسلام إلى طريق الله المستقيم» يعبِّر عن نوعٍ ثالثٍ من الربط بينهما ، وهكذا سائر الحروف.
__________________
(١) يجب الانتباه إلى أنّ الربط في الحقيقة يقوم في هذا المثال بين مادة الفعل ـ أي اهتداء الإنسانية ـ والإسلام ، لا بين الإنسانية نفسها والإسلام ، وإنّما نعبّر بذلك في المتن تسهيلاً على المبتدئ عند دراسته للكتاب ؛ لأنّنا حتّى الآن لم نذكر شيئاً عن تحليل الفعل إلى مادةٍ وهيئة. (المؤلّف قدسسره)