خاطبتَ عامراً بها.
وقد مرّ سابقاً (١) أنّ الجملة المفيدة تدلّ هيئتها دائماً على النسبة التامّة ، وعلى هذا الأساس يكون مدلول فعل الأمر بوصفه جملةً مفيدةً هو النسبة التامة بين مادة الفعل والمخاطب ، أي بين الذهاب والشخص المدعوِّ للذهاب في مثال «اذهب» ، وبين الصلاة والشخص المدعوِّ للصلاة في «صلِّ» ، وهكذا. كما أنّ مدلول فعل الماضي أو المضارع هو النسبة التامة ايضاً ، ف «ذهب عامر» و «اذهب» كلتاهما جملتان مفيدتان تدلّان على النسبة التامة بين مادة الفعل والفاعل.
ولكن «اذهب» و «ذهب» بالرغم من دلالتهما معاً على النسبة التامة يختلفان أيضاً من ناحيةٍ اخرى ؛ لأنّ «اذهب» تعتبر جملةً إنشائية ، وكذلك كلّ أفعال الأمر ، و «ذهب» تعتبر جملةً خبرية ، فأنت تقول : «ذهب عامر» حين تريد أن تخبر عن ذهابه ، وتقول : «اذهب» حين تريد أن تدفعه إلى الذهاب.
وهذا الاختلاف يعني ـ على ضوء ما عرفنا سابقاً من فرقٍ بين الجملة الإنشائية والجملة الخبرية ـ أنّ مدلول «اذهب» هو النسبة بين الذهاب والمخاطب بما هي في طريق التحقيق وباعتبارها يراد تحقيقها ، بينما تدلّ صيغة «ذهب» على النسبة بما هي حقيقة واقعة مفروغ عنها.
ونستخلص من ذلك : أنّ صيغة فعل الأمر تدلّ على نسبةٍ تامةٍ بين مادة الفعل والفاعل منظوراً إليها بما هي نسبة يراد تحقيقها وإرسال المكلَّف نحو إيجادها. أرأيت الصياد حين يرسل كلب الصيد الى فريسته؟ إنّ تلك الصورة التي يتصورها الصياد عن ذهاب الكلب الى الفريسة وهو يرسله إليها هي نفس الصورة
__________________
(١) مضى تحت عنوان : الرابطة التامّة والرابطة الناقصة