اللغوي هو الوجوب والمتكلّم قد أراد الاستحباب على سبيل الاستعمال المجازي مثلاً.
وإذا كنّا قد درسنا في الفصل السابق المدلول اللغوي لصيغة «افعل» فإنّما ذلك لكي نستفيد منه في تحديد المدلول النفسي التصديقي للصيغة ، ولكي يوجّهنا المدلول اللغوي الى معرفة المدلول التصديقي واكتشاف إرادة المتكلّم كما سنرى.
عرفنا سابقاً أنّ للدلالة مصدرين : أحدهما اللغة بما تشتمل عليه من أوضاع ، وهي مصدر الدلالة التصورية. والآخر حال المتكلّم ، وهو مصدر الدلالة التصديقية النفسية.
وكما نتساءل بالنسبة الى المصدر الأول : ما هو أقرب المعاني الى اللفظ في اللغة لكي يكون هو المعنى الظاهر للَّفظ لغوياً من بين سائر معانيه؟ كذلك نتساءل بالنسبة الى المصدر الثاني : ما هو المدلول التصديقي النفسي الأقرب الى حال المتكلّم؟ ونريد بالمعنى الأقرب الى اللفظ لغةً في السؤال الأول : المعنى الذي ينتقل الذهن الى تصوره عند سماع اللفظ قبل أن ينتقل الى تصور غيره ، ونريد بالمدلول التصديقي الأقرب لحال المتكلّم في السؤال الثاني : ما هو المرجّح في تقدير نوعية الإرادة التي توجد في نفس المتكلّم.
ومثال ذلك : كلمة «البحر» ، فنحن نتساءل أولاً : ما هو المعنى الأقرب إليها في اللغة ، هل البحر من الماء أو البحر من العلم؟ ونجيب : أنّ المعنى الأقرب لغوياً لها بموجب النظام اللغوي العام هو البحر من الماء ؛ لأنّه معنىً حقيقي ، والمعنى الحقيقي في النظام اللغوي العام أقرب من المعنى المجازي ، ويعني كون المعنى