نوع التالف معارض في نفسه ، فيعارض استصحاب كلّيّ العهدة الذي يُدَّعى جريانه بعد أداء العين الباقية ، وإن كان المبنى غير منقّح.
وأمّا ثانياً فلأنّ الجامع بين عهدة شخص غير التالف وعهدة نوع التالف لا أثر له فعلاً ليمكن إثباته بالاستصحاب ، إذ أنّه جامع بين عهدة شخص غير التالف التي لا أثر لها فعلاً لأنّ المفروض أنّه قد أدّاها للمالك ، وبين عهدة نوع التالف التي لها أثر ، فإن اريد باستصحاب الجامع بين العهدتين إثبات مجرّد الجامع ، فيدفعه : أنّ الجامع بين عهدة لها أثر وعهدة ليس لها أثر لا أثر له ليثبت بالتعبّد الاستصحابي ، وإن اريد إثبات عهدة المثل باستصحاب الجامع فهو مثبت.
وأمّا على المسلك الثالث في باب الضمان فعهدة الشخص وإن كان قد علم بما هو تمام الموضوع لها إجمالاً ـ وهو وضع اليد ـ إلّا أنّ الحكم التكليفي بوجوب دفع البدل لا يكفي فيه مجرّد كون العين في العهدة ، فإنّ كون العين في العهدة على هذا المسلك ملائم مع وجوب ردّ نفس العين ومع وجوب دفع مثلها. وإذن فوجوب دفع المثل مشروط بتلف العين ، بمعنى أنّ عهدة الشخص إنّما تقتضي وجوب المثل وتكون موضوعاً له بشرط تلفها ، وإلّا فلا تكون موضوعاً إلّا لوجوب ردّ نفس العين ، فموضوع وجوب المثل مركّب من وضع اليد المحقّق لعهدة العين المغصوبة ، ومن تلفها المحقّق لاقتضاء العهدة لوجوب المثل ، وحيث إنّ الجزء الثاني غير محرزٍ ولو بالإجمال ، فتجري عند تلف إحدى الشجرتين البراءة عن وجوب البدل.
المسألة الثانية : ما إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المائعين ثمّ لاقى شيء ثالث أحدهما ، فإنّه يتكلّم في أنّ نجاسة الملاقي هل تتنجّز بالعلم الإجمالي بنجاسة أحد المائعين أوْ لا؟