الملاقي ـ بالكسر ـ في هذه الصورة بأنّه غير مناسبٍ للقول بالاقتضاء ، ببيان : أنّ الملاقى ـ بالفتح ـ وإن لم يكن داخلاً في محلّ الابتلاء حال حصول العلم الإجمالي إلّا أنّ هذا لا يوجب عدم جريان الأصل فيه إذا كان مورداً لسنخٍ من الأصل بحيث يترتّب عليه طهارة ملاقيه ، فإنّه يكون لجريان الأصل فيه حينئذٍ أثر باعتبار ترتّب طهارة ملاقيه عليه الذي هو داخل في محلّ الابتلاء ، فيتعارض الأصل فيه مع الأصل في الطرف الآخر ، وتنتهي النوبة إلى الأصل في جانب الملاقي ـ بالكسر ـ بلا معارض.
وهذا الكلام متين ، ولا يتوهّم أنّ مقتضاه حينئذٍ هو وجوب الاجتناب عن الملاقَى ـ بالفتح ـ بعد دخوله في محلّ الابتلاء ، باعتبار سقوط الأصل فيه بالمعارضة ؛ وذلك لأنّ أصالة الطهارة إنّما تسقط بالمعارضة بلحاظ آثارها التكليفية ، فالمحذور أوّلاً إنّما يقتضي عدم ثبوت تلك الآثار ، وسقوط أصالة الطهارة بعد ذلك بملاك اللغوية حيث لا يبقى لها أثر ، وحينئذٍ فإذا كان لها أثر تكليفي وسقطت بلحاظه المعارضة ، ثمّ حدث بعد ذلك لها أثر تكليفي آخر لا مانع من جريانها ؛ لأنّ سقوطها في نفسها لم يكن لأجل المعارضة حتى يقال : إنّ الساقط بالمعارضة لا يعود ، بل لِلَغوية المرتفعة بتجدّد أثرٍ لها بقاءً ، كما نبّه على ذلك بعض مشايخنا المحقّقين (١).
الأمر الثاني : ذكر المحقّق العراقي (٢) قدسسره : أنّه إذا كان العلم الإجمالي علماً إجمالياً بنجاسة طرفين أو طرف إلّا أنّه شكّ في طولية ذينك الطرفين ، بأن احتمل
__________________
(١) لم نعثر عليه
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ٣٦٥