وجوب الموافقة القطعية ، من : أنّ عدم الإتيان بأحد الطرفين مخالفة احتمالية للتكليف الواصل ، والمخالفة الاحتمالية للتكليف الواصل ليست قبيحةً عقلاً ، بل القبيح هو المخالفة القطعية للتكليف الواصل التي لا تحصل إلّا بترك الطرفين معاً.
ووجه الإشكال : أنّ ترك أحد الطرفين ليس مخالفةً احتماليةً للمقدار الواصل من الإلزام أصلاً ؛ لأنّ المقدار الواصل هو الجامع الذي لا يقتضي أكثر من الجامع بين الفعلين ، فالإتيان بأحدهما موافقة قطعية للمقدار المنجّز وإن كان موافقةً احتماليةً للواقع.
والحاصل : أنّنا لا نقول كما افيد من أنّ المخالفة الاحتمالية للتكليف الواصل ليست قبيحة ، وإلّا لَلَزم في موارد العلم التفصيلي بوجوب فعلٍ أنّه إذا شكّ في الإتيان به لا يلزم الاحتياط ، إذ تركه حينئذٍ ليس إلّا مخالفة احتمالية للتكليف المعلوم بالتفصيل ، مع أنّه لا إشكال في اقتضاء العلم التفصيلي لوجوب الموافقة القطعية له.
وإنّما نقول : إنّ ترك أحد الطرفين في المقام ليس مخالفةً احتماليةً للمقدار الواصل من التكليف أصلاً ، فافهم واغتنم.
ولا بأس بذكر الكلمات والتقريبات التي قُرِّب بها وجوب الموافقة القطعية : إمّا بدعوى سراية التنجّز من الجامع إلى الواقع ، أو بدعوى كفاية تنجّز الجامع في إيجاب الموافقة القطعية ، وهي متعدّدة :
أحدها : ما في موضعٍ من مقالات المحقّق العراقي (١) من : أنّ العلم بالجامع
__________________
(١) مقالات الاصول ٢ : ٣٣