العقاب على ترك كلٍّ منهما. والعقاب الذي يحكم به العقل عند ترك المكلف للفعلين معاً ليس على أحد التركين بخصوصه ليكون منافياً لقبح العقاب على كلٍّ منهما بخصوصه ، بل على الجمع بين التركين الذي هو عبارة اخرى عن ترك الجامع.
فاتّضح : أنّه لا مانع من إعمال البراءة العقلية في كلٍّ من الطرفين ، بمعنى الحكم بقبح العقاب من جهة ترك الظهر وقبح العقاب من جهة ترك الجمعة ، ولا ينافي الحكم بصحة العقاب في مورد المخالفة القطعية من جهة ترك الجامع ، إذ أنّ الحركة الى الجامع كان لها منجّز ومقتضي ، فتركها مورد للعقاب ، بخلاف الحركة إلى الجمعة والحركة الى الظهر فإنّه لم يكن هناك منجِّز لأيٍّ منهما.
وأمّا الثاني ـ أي البراءة الشرعية ـ فهي أيضاً تجري في جميع الأطراف من دون أن تنافي تنجّز الجامع ، سواء ما كان منها بلسان الرفع ـ كرُفِعَ ما لا يعلمون ـ أو بلسان الحلّية ، ككلّ شيءٍ حلال ... الى آخره.
أمّا الرفع فلأنّه بعد معلومية أنّه ليس رفعاً واقعياً ليكون إجراء الرفع في كلٍّ من الطرفين مؤدّياً إلى رفع الجامع واقعاً لا محالة ، بل هو رفع ظاهريّ للتكليف المشكوك بعدم إيجاب الاحتياط من جهته ، ولا أعني بذلك أنّ الرفع منصبّ ابتداءً على وجوب الاحتياط بحيث يكون هو المرفوع ، بل الرفع متعلّق بالواقع ولكن لا في قبال وضعه الواقعي ، بل في قبال وضعه الظاهري بإيجاب الاحتياط ، فإنّ وضع التكليف المشكوك ظاهراً إنّما هو بجعل منجّزٍ له ، كإيجاب الاحتياط ، فرفعه ظاهراً المقابل لذلك الوضع يرجع إلى أنّ التكليف المشكوك لم يوضع في الظاهر