جريان الاصول النافية في بعض الأطراف
أمّا المقام الثاني ـ وهو جريان الأصل في بعض الأطراف ـ فلا موضوع له ، بعد ما عرفت من جريان الاصول في تمام الأطراف فضلاً عن بعضها ، فلا بدّ أن نفرض في المقام الالتزام بما التزم به الكلّ من عدم إمكان جريانها في جميع الأطراف بنحو التعيين ، فهل تجري في البعض ، أوْ لا؟
والكلام في المقام لا بدّ أن يكون بعد الفراغ عن أنّ المحذور في جريانها في تمام الأطراف هو لزوم المخالفة القطعية ، وأنّ العلم الإجمالي ليس علّةً لوجوب الموافقة القطعية ، وإلّا فلا إشكال في امتناع جريان الأصل ولو في بعض الأطراف.
وعليه فنقول : إنّ جريانها في البعض المعيَّن من الأطراف وإن كان معقولاً على غير مبنى العلّية من المباني إلّا أنّه بلا موجبٍ بحسب مقام الإثبات أصلاً ، إذ بعد فرض عدم إمكان شمول دليل الأصل لكلٍّ من الطرفين واستواء نسبتهما إليه يكون تعيّن أحدهما للشمول والآخر للسقوط ترجيحاً بلا مرجّح ، وإذن فيتمحّض الكلام في أنّه هل يمكن جريانها في جميع الأطراف ولكن بنحو التخيير لا بنحو التعيين المفروض استلزامه للمخالفة القطعية ، أو أنّه لا يمكن الالتزام بالتخيير في المقام؟
وقد وُجِّه التخيير بوجوه :
أوَّلها وأهمّها : تقييد الأصل في كلٍّ من الطرفين بترك الآخر ، ففيما إذا علم