طولي نافٍ ـ بانحلال العلم الإجمالي بجريان هذين الأصلين بعد تساقط الأصلين العرضيّين غير واضح ، بل كما يكون الأصل الطولي النافي معارضاً للأصل في الطرف الآخر ـ فيما إذا كان الأصلان العرضيان غير متسانخين ، ولم يكن هناك أصل طولي مثبت في الطرف الآخر ـ كذلك يعارضه فيما إذا كان هناك أصل طولي مثبت في الطرف الآخر.
وتوضيح ذلك بذكر مثالٍ للمطلب ، فنقول : إنّه لو علم إجمالاً بعد صلاة الصبح والظهر إمّا بأنّ الطهارة الحدثية التي كانت ثابتةً له قبل صلاة الصبح قد ارتفعت حال صلاة الصبح ، وإمّا بنقصان ركعةٍ من صلاة الظهر (١) ، فإنّ كلاًّ من الطرفين في نفسه مجرىً لقاعدة الفراغ ، وقاعدة الفراغ المصحِّحة لصلاة الظهر كما تعارض قاعدة الفراغ المصحِّحة للصبح كذلك تعارض استصحاب الطهارة في الصبح ، وملاك هذه المعارضة هو التكاذب الحاصل بين إطلاقَي الدليلين ، فإنّه كما يعلم بعدم جريان قاعدة الفراغ في كلتا الصلاتين كذلك يعلم بعدم جريان كلا الأمرين : من قاعدة الفراغ في صلاة الظهر ، واستصحاب الطهارة في الصبح ؛ لأنّ جريانهما معاً مستلزم للمخالفة القطعية ، وإذن فيعلم بكذب أحد الدليلين ، وحينئذٍ فكلّ من دليل الاستصحاب المصحِّح للصبح ودليل قاعدة الفراغ المصحِّحة للظهر يكون مكذِّباً للآخر بدلالته الالتزامية ، كما هو الحال في كلّ دليلين علم إجمالاً بكذب أحد مدلوليهما فلا محالة لا يجري استصحاب الطهارة في صلاة الصبح ، كما لا تجري قاعدة الفراغ فيها ؛ لسقوطهما معاً بالمعارضة مع قاعدة الفراغ في صلاة الظهر.
__________________
(١) وإن كان المثال لا يخلو عن مسامحة ، إذ فرضنا الأصلين العرضيّين من سنخٍ واحد ؛ وذلك لأجل توضيح المطلب ، وإلّا فيمكن تصوير أنّهما من سنخين ، كما لا يخفى. (المؤلّف قدسسره)