التيمم بالوحل ظاهر فان النص لما دل على جواز التيمم بالوحل وان لم يكن صعيدا صار مستثنى بالنص ، وما ادعاه من استثناء التيمم بالحجر بالإجماع ممنوع (أولا) ـ بما عرفت من قول ابن الجنيد بالمنع من ذلك مطلقا وقول المرتضى من التخصيص بالتراب ومثله قول ابي الصلاح كما تقدم. و (ثانيا) ـ انه انما يتم لو كان الإجماع على صحة التيمم به في الصورة المذكورة وان لم يكن أرضا ، وهو غير مسلم لدعوى العلامة الإجماع على عدم التيمم إلا بالتراب أو الأرض ، وحينئذ فالقول بالتيمم به انما هو من حيث كونه أرضا فلا يجدي ما أجاب به. ويمكن ان يقال في الجواب ان ظاهر كلام المفصلين ان مذهبهم في هذه المسألة هو وجوب التيمم بالتراب كما ذهب اليه المرتضى إلا انهم يجعلون بعده مرتبة ثانية مع فقده وهو الأرض التي من جملتها الحجر ، ولعل وجهه الجمع بين الآية بناء على تفسير الصعيد فيها بالتراب كما هو أحد قولي اللغويين والأخبار الدالة على التيمم بالأرض كما قدمناها فيحملون الأخبار على فقد التراب ويخصونها بالآية ، وهو وجه وجيه. واما المعارضة بقول جملة من اللغويين أيضا بأن الصعيد هو الأرض فلا يرد عليهم لأنهم ربما ترجح عندهم المعنى الذي اختاروه بوجوه لم ندركها. وبالجملة فهذا الوجه في حد ذاته لا يخلو من حسن وقوة سيما مع أوفقيته بالاحتياط المطلوب في الدين.
بقي هنا شيء وهو ان صحيحة زرارة الآتية ان شاء الله تعالى في بيان كيفية التيمم قد دلت على اشتراط العلوق وهو مما يمنع من جواز التيمم بالحجر الخالي من التراب وهو لازم لكل من اشترط العلوق ، وسيأتي تحقيق المسألة في محلها ان شاء الله تعالى. والله العالم.
(الرابع) ـ المشهور بين الأصحاب جواز التيمم بأرض الجص والنورة قبل الإحراق ، ومنع ابن إدريس من ذلك مدعيا انها معدن ، واعتبر الشيخ في النهاية في جواز التيمم بها فقد التراب كما تقدم في الحجر ، وردهما الأصحاب (رضوان الله عليهم) بالضعف لصدق الأرضية ومنع المعدنية ، وردوا تفصيله في النهاية هنا بما ردوه به في الحجر