فقال مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار ، ثم قال ما يمنعكم من الأزر؟ فإن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام. قال فبعث الى أبي كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ، ثم ساق الخبر الى ان قال : سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد بن علي (صلوات الله عليهما)». الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة التي يقف عليها المتتبع. وبالجملة فالمستفاد من الأخبار على وجه لا يزاحمه الشك ولا الريب اتحاد الإزار والمئزر وان المراد من كل منهما هو ما ذكرناه لا ما شمل البدن ، وحينئذ فما اشتهر في كلام متأخري أصحابنا ـ من الفرق بين المئزر والإزار وان الأول عبارة عما يشد في الوسط والثاني ما يكون شاملا لجميع البدن ـ لا اعرف له وجها لا من الاخبار ولا من كلام أهل اللغة كما عرفت.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان الواجب بمقتضى ما قلناه انه حيثما وجد المئزر والإزار في شيء من اخبار الكفن أو كلام متقدمي الأصحاب حمله على ما ذكرناه الا مع قرينة صارفة عن معناه الحقيقي ، واما ما لم يشتمل على لفظ الإزار والمئزر وانما اشتمل على الثوب فهو ظاهر في الإجمال القابل للاحتمال على ما ذكروه من الشمول للبدن وما ذكرناه من معنى الإزار ، وبالجملة فهو مجمل وقضية الحمل على الروايات المفصلة تساعد ما ذكرناه ، وها أنا أسوق لك ما وقفت عليه من اخبار المسألة مذيلا كلا منها بالبيان الساطع البرهان والله الموفق الهادي لمن يشاء.
فمنها ـ ما رواه الكليني والشيخ عن معاوية بن وهب عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «يكفن الميت في خمسة أثواب : قميص لا يزر عليه وإزار وخرقة يعصب بها وسطه وبرد يلف فيه وعمامة يعمم بها ويلقى فضلها على صدره».
أقول : هذا الخبر ـ كما ترى ـ واضح الظهور في القول المشهور لا يعتريه نقص ولا قصور وقد اشتمل على واجب الكفن ومستحبه ، فالواجب القميص والإزار الذي
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٢ من أبواب التكفين.