يودعهم ، ثم يذكر لهم أنه إنما خرج معهم لأجل هذه الوصية : (إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل ، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم ، جردوا القرآن ، وأقلوا الرواية عن رسول الله ، وأنا شريككم)!
فلما قدم بعضهم العراق ، قالوا له : حدثنا. قال : نهانا عمر (١).
حتى توفي عمر على هذه السيرة سنة ٢٤ ه.
وهذه السيرة أيضا جاءت على خلاف الحديث الذي رواه أبو موسى الغافقي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : (عليكم بكتاب الله ، وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني ـ أو كلمة تشبهها ـ فمن حفظ شيئا فليحدث به ، ومن قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار) وقال أبو موسى : هذا آخر ما عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم! (٢).
* وفي عهد عثمان :
خطب الناس ، فقال : (لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا في عهد عمر ، فإنه لم يمنعني أن أحدث عن رسول الله أن لا أكون من أوعى أصحابه ، إلا أني سمعته يقول : من قال علي ما لم أقل فقد تبوأ مقعده من النار) (٣).
لكن عثمان لم يتبع شدة عمر وسيرته في هذا الأمر ، فأطلق الصحابة الذين حبسهم عمر في المدينة ، وقد ذكر فيهم مع ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي مسعود الأنصاري ، ثلاثة آخرون ، هم : صادق اللهجة أبو ذر ،
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٧ ، المستدرك ١ ح ٣٤٧ وصححه الحاكم والذهبي.
(٢) المستدرك وتلخيصه ١ / ١٩٦ ح ٣٨٥.
(٣) منتخب كنز العمال ٤ / ١٧٢.