هذه أيضا أدلة كافية على عدم ورود شئ في النهي عن تدوين السنة ، وإلا لما هم عمر بكتابتها ، واستشار الصحابة فأجمعوا على كتابتها.
فما كان المنع إذن إلا برأي رآه عمر ، ولم ينسبه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وراح الصحابة من وراء الخليفة يكتبون الحديث والسنن ، ما سمعوه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وما حدثهم به إخوانهم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى كثرت عندهم الكتب ، فبلغ خبرها عمر ، فقام فيهم خطيبا ، فقال : (إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب ، فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها ، فلا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به ، فأرى فيه رأيي).
فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بها ، فأحرقها بالنار! (١).
كتابة السنة تصد عن القرآن!!
تلك هي أهم الحجج التي تمسك بها المانعون من تدوين السنة ، ومن رواية الحديث أيضا ، خشية أن يشغلهم ذلك عن القرآن ، كما انشغل أهل الكتاب بكتب أحبارهم عن كتاب ربهم! (٢).
لكن هل يصح ذلك؟! وما السنة ـ بالدرجة الأولى ـ إلا تبيانا للقرآن وتفصيلا لأحكامه!!
نترك الجواب للصحابي الفقيه الذي بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٥ / ١٨٨ ، تقييد العلم : ٥٢.
(٢) أنظر : سنن الدارمي ١ ح ٤٧٥ ، تقييد العلم : ٥٣ و ٥٦ ، جامع بيان العلم : ٧٩ ح ٣١٨ و ٣١٩ ، أصول الحديث : ١٥٤ و ١٥٦ و ١٥٨ ، علوم الحديث ومصطلحه : ٣٠ ـ ٣١.