فلنقل إذن : إن (مصلحة أمن الدولة) هي التي اقتضت منع رواية أحاديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليس شيئا آخر تعود فيه التهمة إلى الحديث النبوي نفسه ، كما في هذا العذر الذي رأى الحديث يصد عن القرآن!!
أو تعود فيه التهم والطعون على القرآن الكريم نفسه! كما في العذر الآخر ، الآتي :
اختلاط السنة بالقرآن :
هو ثاني أهم الحجج التي فسر بها المنع عن تدوين السنة (١).
فإذا كان في الصحابة من يقع في مثل هذا الوهم ، كالذي حصل في دعاء الخلع ، ودعاء الحفد ، وسنة الرجم ، وعدد الرضعات ، وغيرها (٢).
فإن هذا كله قد حسمه جمع القرآن في المصحف المرتب ، وقد حصل هذا مبكرا جدا بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلم يبق بعد ذلك أدنى قيمة لوهم يحصل من هذا النوع ، فهذه الأوهام المنقولة في الصحاح والسنن عن بعض الصحابة ، لم تؤثر شيئا ، ولا زادت في القرآن ولا نقصت منه.
أما إذا حصل الوهم والخلط بعد جيل الصحابة ، فهو أولى أن يهمل ولا يعتنى به.
إن التمسك بمثل هذه الشبهة يوقع أصحابه بأكثر من تناقض :
__________________
(١) أنظر : تقييد العلم : ٥٦ ، أصول الحديث : ١٥٩.
(٢) أنظر : الإتقان في علوم القرآن ١ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، صحيح البخاري / كتاب المحاربين ـ باب رجم الحبلى من الزنى ح ٦٤٤٢.