الأولى : قال بها الدكتور نور الدين عتر حين نسب منع تدوين السنة إلى إجماع الصحابة!
فبعد أن نقل رغبة عمر في التدوين أولا ، واستشارته الصحابة وإشارتهم عليه بالتدوين ، ثم تبدل رأي عمر ، قال : وقد أعلن عمر هذا على ملأ من الصحابة رضوان الله عليهم وأقروه ، مما يدل على استقرار أمر هذه العلة في نفوسهم! (١).
وهذا القول ناشئ عن رؤية مثالية أولا ، وفيه مصادرة لآراء الصحابة ثانيا :
فالرؤية التي تصور سكوت الصحابة أمام أي قرار تصدره الخلافة ، على أنه إجماع إقراري ، رؤية مثالية ، وهذا الخبر هو واحد من أهم الأدلة على ذلك ، فقبل شهر واحد فقط من صدور هذا القرار كانوا قد أعطوا رأيهم المؤيد لتدوين السنة بالإجماع ، ولم يظهر في ذلك أدنى خلاف حتى صدر قرار الخليفة بعكسه ، فبعد أن أعطوه الرأي ثم عزم على خلافه فلا محل إذن للمعارضة.
وإذا زعمنا أن سكوتهم كان إقرارا كاشفا عن الإجماع ، فما هي قيمة إجماعهم السابق على خلافه؟!
هل سيبقي هذا التصور على شئ من قيمة (إجماع الصحابة)؟ لا في هذه المسألة وحدها ، بل في كل مسألة!
وثمة دليل عملي على عدم إقرار الصحابة بقرار المنع :
لقد راحوا من وراء الخليفة يكتبون الحديث والسنن ، حتى كثرت
__________________
(١) منهج النقد في علوم الحديث : ٤٤.