رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزا! فقد أبدلك الله خيرا منها ، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها .. الحديث (١).
بل قد روي عنها ما هو صريح في تفضيل غيرها عليها ، قالت عائشة (٢) : ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين من زينب ـ يعني بنت جحش زوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم أمانة وصدقة.
وأخرج الترمذي من طريق كنانة ـ مولى أم المؤمنين صفية رضي الله عنها ـ أنها حدثته ، قالت : دخل علي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام فذكرت له ذلك ، فقال : ألا قلت : وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى؟! وكان بلغها أنهما قالتا : نحن أكرم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منها ، نحن أزواجه وبنات عمه (٣).
على أن خديجة رضياللهعنها أول الناس إسلاما وتصديقا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الإطلاق ، وأنى لعائشة مثل هذه الخصيصة ، بل نزل القرآن فيها وفي صاحبتها مخاطبا لهما بقوله : (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير عسى ربه إن طلقكن أن يبدله
__________________
(١) الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٤ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، الإصابة في تمييز الصحابة ٤ / ٢٨٣.
(٢) أسد الغابة في معرفة الصحابة ٧ / ١٢٧.
(٣) سنن الترمذي ٥ / ٧٠٨ ح ٢٨٩٢ ، الإستيعاب ٤ / ٣٤٨ ، الإصابة ٤ / ٣٤٧.