واستدل لذلك بما روي عن أنس بن مالك ، أنه قيل : يا رسول الله ، من أحب الناس إليك؟ قال : عائشة ، قال : فمن الرجال؟ قال : أبوها.
قال النعساني : وروي هذا من طريق عمرو بن العاص ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينطق عن الهوى ، فلولا أن الله أوحى بذلك إليه لم يقع ذلك منه ، وهذا يدل على أن عائشة أفضل النساء. انتهى (١).
قلت :
قد سلف الكلام في التفضيل بين أم المؤمنين خديجة رضياللهعنها وعائشة بنت أبي بكر ، وعرفت الحق فيه ، فإذن لا يعبأ بقوله.
نعم ، حكى شيخ الإسلام ابن حجر عن ابن القيم أنه قال : إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه ، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح ، وإن أريد كثرة العلم فعائشة لا محالة.
وتعقبه بأن ما امتازت به عائشة من فضل العلم فإن لخديجة ما يقابله ، وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعا إليه وأعان على ثبوته بالنفس والمال والتوجه التام ، فلها مثل أجر من جاء بعدها ، ولا يقدر قدر ذلك إلا الله. انتهى (٢).
فتحصل من جميع ما ذكرنا أنه ليس لعائشة ما تفضل به على خديجة رضياللهعنها إلا ما يدعى من حديث الثريد ، وسيأتي إن شاء الله البحث فيه بما ليس عليه من مزيد.
__________________
(١) الدر النضيد من مجموعة الحفيد : ٥٥.
(٢) فتح الباري ٧ / ١٣٦.