قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها ، كقولك : لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحب شديد. تريد : أحبهم وهم مكان حبي ومحله ، وليست (في) بصلة للمودة كاللام إذا قلت : إلا المودة للقربى ، إنما هي متعلقه بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال في الكيس. وتقديره : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها. والقربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى قرابة ، والمراد : في أهل القربى. وروي أنها لما نزلت قيل : يا رسول الله ، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : علي وفاطمة وابناهما.
ويدل عليه ما روي عن علي رضياللهعنه : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم حسد الناس لي ، فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة : أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا ، وذريتنا خلف أزواجنا!) (١).
وقرره الفخر الرازي حيث قال : (أورد صاحب الكشاف على نفسه سؤالا فقال : هلا قيل : إلا مودة القربى ، أو : إلا المودة للقربى ، وما معنى قوله : (إلا المودة في القربى)؟
وأجاب بأن قال : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك : لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحب شديد. تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله) (٢).
وكذا أبو حيان واستحسنه (١).
__________________
(١) الكشاف في تفسير القرآن ٤ / ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٢) التفسير الكبير ٢٧ / ١٦٧
(٣) البحر المحيط ٧ / ٥١٦.