إلى الله تعالى هو الثواب الدائم ، وهو مستحق على الله تعالى في عدله وجوده وكرمه ، وليس المستحق على الأعمال يتعلق بالعباد ، لأن العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصا ، وما كان لله فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره.
هذا ، مع أن الله تعالى يقول : (ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله) وفي موضع آخر : (ويا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني).
فإن قال قائل : فما معنى قوله : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)؟ أوليس هذا يفيد أنه قد سألهم مودة القربى لأجره على الأداء؟
قيل له : ليس الأمر على ما ظننت ، لما قدمنا من حجة العقل والقرآن ، والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة ، لكنه استثناء منقطع.
ومعناه : قل لا أسألكم عليه أجرا لكن ألزمكم المودة في القربى وأسألكموها ، فيكون قوله : (قل لا أسألكم أجرا) كلاما تاما قد استوفى معناه ، ويكون قوله : (إلا المودة في القربى) كلاما مبتدأ فائدته : لكن المودة في القربى سألتكموها ، وهذا كقوله : (فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس) والمعنى فيه : لكن إبليس ، وليس باستثناء من جملة. وكقوله : (فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) معناه : لكن رب العالمين ليس بعدو لي. قال الشاعر :
وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلا اليعافير وإلا العيس) (١) |
__________________
(١) تصحيح الاعتقاد ـ مصنفات الشيخ المفيد ـ : ١٤٠ ـ ١٤٢.