للخيرات وفعلي الموبقات ، للحسنات وفعلي السيّئات ، لإبهاج الخلق وفعلي المحظور ; باجتهاد واستحسان وتأويل وتفسير يتوخّز منه الضمير وتتأرّق له الجفون ويضطرب منه القلب والحنايا ويتيه به الفكر ويحير.
أخشى من نفسي على نفسي إذ تحسد وتغار ولا ترجو الخير إلاّ لها ، وإن نال الخير آخر ـ ولاسيّما إن كان صاحباً وصديقاً ورفيقاً وقريباً ـ تحزن وتألم ، فلا تفهم من الغبطة إلاّ شعاراً يُلفَظ ويقال.
أخشى من نفسي على نفسي حين تغضب وتثور فلا تدري ماذا تفعل وتقول ، حين تهذي وتنطق بما لا يُرضي الله والناس والرسول.
أخشى من نفسي على نفسي حين تدّعي وتتقمّص وتتلبّس بما يعاكس باطنها وحقيقتها ، حين تُظهِر ما لا تُضمِر ، وتُعلِن ما لا تُخفي.
أخشى من نفسي على نفسي حين تحجز مكاناً بين ذوي المعرفة والفهم والتدبير ، وهي لا تفقه شيئاً ولا تعلم إلاّ القشور والسطوح والعناوين ولا تحكم أمراً.
أخشى من نفسي على نفسي لمّا تآخذ الناس على أفعال وصفات وأقوال هي فاعلتها ومتّصفة بها وقائلة لها ، بذات السوء والقباحة بل أكثر .. لمّا تزداد في غيّها وغرورها وعصيانها ودوامها على ذمائمها وقبائحها وسوآتها ، فلا تخجل ولا تندم ولا تبذل السعي الصحيح لنفض غبار الانحراف والاستعداد لكسب موطئ قدم على جادّة الصواب والاستقامة.
أخشى من نفسي على نفسي ...