ماذا دهاك يا قلبي؟
حينما تشعر أن لا أحد يفكّر بك أو يهتمّ بشؤونك تودّ لو ترحل إلى مكان بعيد جدّاً ، إلى مكان ما ، حيث لا أهل ولا معارف ولا أصحاب ، آنذاك يكون الشعور بعدم التفكير والاهتمام بك طبيعيّاً ، وآلام الغربة والوحدة هناك لا يمكن أن ترقى لنظيريهما وأنت ينتابك بين أحبّتك وخلاّنك وعلى أرضك ذلك الشعور المرير.
ماذا دهاكَ يا قلبي وأنت الذي خُلِقتَ لتغنّي فرحة الحبّ للأهل والناس والسلام والفلاح ، للقيم والمفاهيم والاُسس والمباني التي تشيد الحياة الكريمة على نهج ونسق سليم ، بالأدوات المعرفيّة الشريفة ، بالتنقيب والفحص والتأمّل والتجزئة والتركيب ; إذ العقل القبلي إن كان يقبل البديهيات من الصور والمعاني والتصديقات فالعقل البعدي لا يستسيغ ذلك القبول على نحو الإطلاق والعموم أبداً ، إنّه يعمل بجدٍّ وجزم وعزم لمراجعة ومقابلة وتحليل كلّ الوارد عليه كي يحصل على الناتج الأسمى ، لذا سمّي هذا العقل البعدي بالعقل العملي ; وبذلك فإنّه يرفض الوصفات الجاهزة دون تمريرها وإدخالها في مختبراته ، إنّه لا