قريب الأشياء وبعيده
لِمَ تبدو الأشياء ـ ببُعدها ـ رائعة جميلة يهزّني الحنين إليها هزَّ الذائب فيها ، إلاّ أنّي كلّما دنوت منها خفّ بريق سناها في عيني وخاطري ، وشعرت بغربة مقرونة بافتقاد أشياء لا أكاد أعلمها .. ثم هكذا أعود أحمل شوقاً وإجلالاً لها لمّا تأخذني الأيّام والمسافات بعيداً عنها.
حاولت إيجاد تأويل أو تفسير لهذه الظاهرة التي لا تغادر عقلي وحناياي فما استطعت.
وقد يشمل ذلك حتى الأشياء التي أرفضها وأمقتها وأتوجّس منها لبُعدها المكاني والزماني ، فلما تدنو منّي أو أدنو منها وأخوض غمارها لا أجدها من القباحة والسوء والخطر ما يجعلني أعرض عنها وأهابها.
لا أعلم إلى أين يقودني هذا الحسّ الذي غرس في عقلي وأعماقي بذور الحيرة والاضطراب والألم :
هل أنا أبحث عن شيء لا أعرفه ، هل هذا معنى من معاني فحص الإنسان عن الحقيقة التي يجهلها فيتعلّق بأشياء اُخر ظناً منه بلوغ المرام