القرب والبعد
لا أدري لِمَ تبدو لي الأشياء في بُعدها أجمل في العين وأوقع في النفس وأبهى في الذهن وأعزّ على القلب وأدنى ، بل تفسح بين حناياي لوجودها كياناً أرفع وأسنى ، وبين خواطري ورؤاي وهجاً أدوم وأبقى؟! كلّما نأيتُ عنها تفاعلتُ معها تفاعلاً تترجمه الحواسّ والأفكار علماً ويقيناً وحبّاً وانسجاما ...
أتوق إليها فتملأ الكآبة عالمي إن طال زماني بفراقها ، اُيمّم شطرها لكنّي أكرّ خائباً ألفظ نفثات التعب والمسافات ، لا أعلم فلعلّه سوء التوزيع في الحنين والعشق والانتماء ، ولعلّه قمّة الهويّة وفخامة الاعتقاد الذي لا تقرّره الأزمنة والأمكنة بقدر ما ترسّخه المبادئ وجودة المحتوى.
لعلّني أنجذب نحو المؤثّر الأشدّ ، الأدقّ الأرسخ ثباتاً.
وربما هي حجج أهرب بها عن الجواب السليم ، فلا أجد تعليلاً لها ، بل لا أفهم التحليل الصحيح فيها ; ثم إنّ ميلي إلى الترف والخلود إلى الراحة قد يكوّنان السبب المقصود منها.