أيّ ملاذ أروم؟
حينما تفتقد ظلاًّ يحميك وملاذاً يؤويك وقلباً يحنو عليك وسنداً تتّكئ عليه وصدراً تودعه الأسرار وعقلاً تستشيره فيشير عليك .. تلمس الوحدة بأمرّ صورها ومصاديقها وتعيش الغربة بأقسى حالاتها ، فتودّ لو أنّك تبكي بكلّ الدموع وتصرخ أشدّ الصراخ كي تخفّف الضغط الرهيب الذي يكاد يهشّم عظام صدرك ويفتّت قلبك وفؤادك .. إنّك والحال هذه تحترق بلهيب الزفير فلا تجد ما يكفيك من هواء الشهيق كي توازن به ذلك الاحتراق ، وكلّما تنفّست ضاق بك الفضاء الرحيب ، تتمنّى لو أن كلّ هواء العالم لك كي تهرب من هذا الاختناق المميت.
ما أشدّ اشتياقي واحتياجي إلى أُمّي وأهلي ، إلى تلك الصحبة البعيدة ، إلى تلك الشريكة النائية ، إلى ذلك الحكيم القاصي ، إلى ذلك المكان الذي ضمّهم والزمان الذي عاشوا فيه ، وهل تولد الأشياء ثانيةً بعد موتها؟!
ليتني نائماً كي أستيقظ من هذا الحلم الحزين ، لاُزيح عن جبهتي طيفاً أليماً أفقدني أثمن ما أملك وأغلى ما أُحب وأشدّ ما أحتاج.