زعلة العصفور على بيدر الدخن
كلّما يطرق سمعي هذا المثل المرّ تشمخ في ذهني وأحاسيسي آية : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...) فكيف بالذي لا ينفق من أمواله وإنّما هو واسطة في الإنفاق ليس إلاّ؟! هذا المثل تفوح منه رائحة المنّة النتنة ، التي تقوّض الإنفاق بمختلف معانيه وتتركه خاوياً بلا مفهوم وتسلبه لوازمه الحسّيّة والحدسيّة ، بل تقلب الطاولة عليه وتصنع منه شيئاً بلا نكهة ولا طعم ولا رائحة إن لم يكن مرّاً علقما.
إنّه تضييع جهود وتفريطٌ بمساعي أنتجت ثماراً من العطاء الثرّ ، تضييعٌ وتفريطٌ له أسبابه ودواعيه :
منها : قصر النظر وضيق الاُفق.
منها : الاعتقاد بكون الناس لا يفقهون شيئاً.
منها : ضعف الشخصيّة ومكوّناتها الذاتيّة ، فيلحق بها العجب والغرور والمباهاة ونظائرها.