إليك يا عراق
فسيفساءٌ من الأديان والمذاهب والأعراق ، أمواجٌ متلاطمةٌ من التغيّر والتآلف والافتراق .. خضمٌّ يحكي السطح منه ما في العمق من أشياء ، بحرٌ تروي سواحله ملاحم الجود ومآسي الجفاء ، عراقٌ بلدي ، بلد الأنبياء والأئمّة والشرفاء ، بلد المحن والآهات وميدان الغرباء ...
بلدٌ حملته صفحات التأريخ ، لا ، بل حملها على أكفّ الجراح والآلام ; فحيث كان العراق كان التأريخ وكأ نّهما توأمان تلازما منذ البدء حتى الختام .. فهل أنصف الزمان وأبرّ بأرض السواد ، أم عقّ ونسى اللطف وإحسان الجواد ، أم تغيّر الماء وذاك الهواء فتغيّر العراق وتغيّرت البلاد؟
جاوزتُ فيك يا عراق مفردات الهويّة والأهل والحنين ، ثم اللغة والفكر وتعداد السنين ; علّني أختلي لاُعيد قراءتك من جديد ; إذ قرأتك يومَ كنتُ يافعاً غضّاً غرير ، وها أنا خلّفت ورائي الخمسين : ثلاثون وبضع منها أرقبك من على البُعد دام حزين ... وشتّان ما بين المشهدين.
لن أزيد الغدير بقراءتي قطرةً إزاء ما يغمرني من رواشح العلوم