ومثل هذا قولهم في حي من العرب يقال لهم بنوا رنيّة رنوي وفى البعلية بعلوي ويقال في البعلية إنها حي من اليمن ، وقال الجرمي هي اسم أرض ، وقال يونس أيضا في عروة عروي فسوى بين ذوات الواو وذوات الياء ، ولم يحتج يونس لقوله بشيء ، وقد أنكر قوله جمهور أصحابنا إلا الزجاج فإنه كان يقويه ويقول : إن التغيير إنما وجب فيه من أجل الهاء ؛ لأن ما كان فيه الهاء فهو أولى بالتغيير وأقوى فيه.
وأما الخليل فعذر يونس في ذوات الياء واحتج له واختار القول الذي ذكرته عنه بعد الاحتجاج ليونس بأنه أقيس وأعرب من قول يونس ، وهذا من أشكل مواضع الكتاب التي أوردها الخليل بعد الاحتجاج للأول بأنه أقيس وأعرب من قول يونس ، وأنا أبينه بما أرجو به انكشافه.
قال سيبويه : وأما يونس فكان يقول في ظبية ظبوي وفى دمية دموي ، وفى فتية فتوي ، فقال الخليل : كأنهم شبهوها حيث دخلتها الهاء بفعلة ؛ لأن اللفظ بفعلة إذا أسكنت العين وفعلة من بنات الواو سواء.
قال أبو سعيد : معنى هذا أن ظبية كأنه ظبية ، ودمية ، دمية ، وفتية كأنه فتية ، ثم أسكنوا فقيل ظبية كما يقال في فخذ فخد ، وقالوا دمية كما يقال في عصر عصر ، كما يقال في إبل إبل ، فصار عمية بعد الإسكان لها من عمية في لفظ ما كان على فعلة في الأصل ، ودمية إذا أسكنا الميم على لفظ فعلة ، في الأصل ، وفتية على فعلة في الأصل ، فإذا نسبنا إلى ذلك رددناه إلى الأصل ؛ لأن بردنا له إلى الأصل فائدة في الخفة ؛ لأنّا إذا نسبنا إلى عمية أو دمية أو فتية وثوانيها مكسورة وجب فتحها وقلب الياء واوا في النسبة كما لو نسبنا إلى عمية وجب أن تقول : عموي فيصير في اللفظ أخف من عمييّ إذا بقيناها على التخفيف ، وكذلك لو بنيت فعلة من بنات الواو لصارت بهذه المنزلة ، تقول في فعلة من الغزو : غزية ، ومن الربو ربية ، فيصير كذوات الياء ويصير المسكن منها عن الكسرة بمنزلة ما أصله الإسكان.
قال : فلما رأوا آخرها يعني آخر فعلة يشبه آخرها يعني آخر فعلة جعلوا إضافتها يعنى فعلة كإضافتها يعنى فعلة ، وجعلوا دمية كفعلة وجعلوا فتية كفعلة. هذا قول الخليل ، واحتجاجه ليونس. وكان الزجاج يرد من هذا على الخليل دمية ، ويقول ليس في الأسماء فعلة ، ورد عليه فتية ؛ لأنه ليس في الأسماء فعل إلا إبل.