قال الشاعر :
وما النّاس إلا كالدّيار وأهلها |
|
بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع (١) |
" ويد" ، و" دم" على مذهب سيبويه فعل ، ويستدل على يد بقولهم : أيد ، وإنما هي أفعل ، جماع" فعل" كقولهم : كلب ، وأكلب.
ودم أوله مفتوح ، وليس لنا أن نثبت في ثانيه حركة لم يقم الدليل عليها وحر أصله فعل ، والساقط منه حاء ، ويصغر حريح ، والجمع أحراح.
فإذا نسبنا إليه على رد الذاهب قلنا : حرحي. وإنما ألزمنا الفتحة الحرف الثاني ، وإن كان ساكنا ، في أصل البنية ؛ لأن الحرف الثاني كانت الحركة له لازمة للإعراب.
وإنما ردوا الحرف الذاهب لقلة الحروف ، فإذا ردوا ما لم يكن فيه ، من أجل التكثير ، وجب أن لا يزيلوا ما هو فيه من الحركة ، وهو تحريك الحرف الثاني ، والفتحة أخف الحركات. فإن قال قائل : فكيف تنسب إلى" رب" المخففة برد الذاهب؟
قلت : ربيّ بالإدغام. فإن قال قائل : فقد كانت الباء متحركة قبل أن ترد الباء الثانية فينبغي أن تدعها على حركتها ، فتقول : " ربيّ".
قيل : إنما كره ذلك من أجل التضعيف وهو مستثقل ، كما استثقل" ردد" فأدغم.
وقد نسب إلى" قرة" ويقال إنهم قوم من عبد القيس.
فقالوا : قري ؛ لأن أصله قرّة ، وخففوا ثم ردوا في النسبة ، فأدغموا. ألا ترى أنهم قالوا : شديد وشديديّ وشديدة وشديديّ أيضا ، كراهة أن يقال" شدديّ" ، إذا حذفوا الياء ، فالكراهة في" ربيّ" لذلك.
هذا باب ما لا يجوز فيه من بنات الحرفين إلا الرد
اعلم أن كل ما كان على حرفين ، والساقط منه لام" الفعل" وكانت اللام الساقطة ترجع في التثنية ، والجمع بالألف والتاء ، فإن النسبة إليه ترد الحرف الساقط لا يجوز غير ذلك.
فأما ما يرجع في التثنية فقولك في أب : أبوان ، وفي أخ أخوان.
وأما ما يرجع بالألف والتاء فقولك في سنة : سنوات ، فإذا نسبت إلى أب أو أخ ،
__________________
(١) المقتضب : ٣ / ١٥٣ ، وابن يعيش : ٦ / ٤.