هذا باب تصغير ما كان على خمسة أحرف ولم يكن رابعه شيئا مما
كان رابع ما ذكرنا
يعني ولم يكن رابعه واوا ولا ياء ولا ألفا كقولك : (فرزدق) ، و (سفرجل) و (قبعثرى) و (جحمرش) و (صهصلق) فتحقر العرب هذه الأسماء" سفيرج" و" فريزد" و" قبيعث" و" صهيصل" ، وإنما حملهم على حذف حرف منها ، أنهم إذا جمعوا ثقل أن يأتوا بالحروف كلها ، مع ثقل الجمع ، وأنه جمع لا ينصرف وإن انصرف دخله التنوين ، فيصير النصف الثاني من الاسم أكثر من الأول وحق الصدر أن يكون أقوى من الأخير ، وهم إذا صغروا الثلاثي وقعت ياء التصغير ثالثا وقبلها حرفان وبعدها حرف ك (كليب) و (فليس) ، وإذا صغروا الرباعي وقعت ياء التصغير في الوسط ؛ لأنه ثلاثة أحرف لا يمكن قسمتها بنصفين ، فجعلوا القسم الأوفر في الصدر ، فعلمنا أن الصدر أولى بالتقوية ، فلما جمعوا وصغروا وقد وجب وقوع ألف الجمع وياء التصغير ثالثة كرهوا أن يتموا الحروف فيكون القسم الأخير أكثر من الأول فحذفوا حرفا منهما ، وكان أولى الحروف بالحذف الأخير إذا كانت الحروف كلها أصلية ؛ لأن الذي أوجب الحذف هو الأخير ، وذلك أن الحرفين اللذين في الصدر مضيا على القياس المطرد في تصغير الثلاثي والرباعي والحرف الذي بعد ياء التصغير هو في الثلاثي أيضا والحرف الرابع في الرباعي والخامس هو الذي لا نظير له فيما تقدم من التصغير فكان أولى بالحذف.
وحكى سيبويه عن بعض النحويين : (سفيرجل) وفي الجمع : (سفارجل) فقال الخليل : لو كنت محقرا هذه الأسماء ولا أحذف منها شيئا كما قال بعض النحويين لسكنت الذي قبل الأخير فقلت : (سفيرجل) بتسكين الجيم حتى يصير بوزن (دنينير) ؛ لأن قبل الآخر الياء الساكنة حتى تصير الجيم مثل الياء.
هذا باب تصغير المضاعف الذي قد أدغم أحد الحرفين منه في الآخر
قال سيبويه : وذلك (مدقّ) ، و (أصمّ) ، إذا صغرته قلت : " مديقّ" و" أصيمّ" ، كما تقول في الجمع : (مداقّ) و (أصام) ؛ لأن هذه الياء في التصغير بمنزلة الألف وإن نقص مدها عن مد الألف بانفتاح ما قبلها ؛ لأن الياء الساكنة فيها (مد) ، وإن فتح ما قبلها.