ألا ترى أن الشاعر إذا قال قصيدة قبل آخرها ياء ساكنة قبلها فتحة كانت مردفة فلزمه أن يأتي بها في جميع القصيدة كقول الشاعر :
ومهمهين قذفين مرتين |
|
ظهراهما مثل ظهور التّرسين (١) |
هذا باب تصغير ما كان على ثلاثة أحرف
ولحقته الزيادة للتأنيث صارت عدته مع الزيادة أربعة أحرف
قال سيبويه : وذلك نحو" حبلى" و" بشرى" و" أخرى" فتقول : (حبيلي) و (بشيري) و (أخيري) ، وإنما تثبت ألف التأنيث ؛ لأن الكلمة مع الألف أربعة أحرف ، ولا يحذف في التصغير من الأربعة شيء ، وفتحوا الحرف الذي بعد ياء التصغير ؛ لأن ألف التأنيث يفتح ما قبلها فصارت : (حبيلي) بمنزلة (حبيلة) ، ولو كانت الألف لغير التأنيث انقلبت ياء ؛ لأنك تكسر ما بعد ياء التصغير ، كما تكسره في الرباعي من الأسماء ، كقولك : (جعيفر) و (عقيرب) ، فتنقلب الألف ياء كقولك في مرمى : (مريم) وفي أرطى : (أريط) وفي معزى : (معيز) ، ولم يقلبوا في (حبيلي) و (بشيري) ؛ لأن ألف التأنيث كهاء التأنيث بفتح ما قبلها. وقد تجيء أسماء في آخرها ألف التأنيث للعرب فيها مذهبان : منهم من يجعل الألف للتأنيث فيجريها على حكم (حبلى) ومنهم من يجعلها لغير التأنيث فيجريها على حكم الألف التي ينكسر ما قبلها وتنقلب ياء وذلك : (علقى) و (ذفرى) ، و (تترى) ، منهم من ينون هذه الأسماء فتكون الألف لغير التأنيث ؛ لأن الألف التي للتأنيث لا يدخلها تنوين فتقول : (عليق) و (ذفير) و (تتير) ، ومنهم من يقول : هذه (علقى) و (ذفرى) و (تترى) فلا ينون فتقول في تصغيره : هذه (عليقى) و (ذفيرى) و (تتيرى) يا فتى بغير تنوين ، وإذا كانت الألف خامسة للتأنيث أو لغير التأنيث وهي مقصورة قبلها أربعة أحرف أصول حذفتها ، فأما التي للتأنيث فقولك في (قرقرى) (قريقر) ، وأما التي لغير التأنيث فقولهم في (حبركى) : (حبيرك) ، وإنما حذفوا هذه الألف ؛ لأن المصغر إذا كان على خمسة أحرف ، ولم يكن الحرف
__________________
(١) البيتان من مشطور الرجز ، وهما في ابن يعيش : ٤ / ١٥٥ ، ١٥٦ ، والخزانة : ٣ / ٣٧٤ ، الكتاب : ٣ / ٦٢٢ ، والمخصص ٩ / ٧.