ولو جاز أن تبقى الهاء في التصغير لثبتت الميم في تصغير (فم) وجمعه.
وإذا خففت" أنّ" ثم سميت بها ثم حقرتها رددتها إلى التضعيف وكذلك المشددة إذا خففتها وسميت بها ثم حقرتها فقلت فيها (أنين).
قال الأعشى :
في فتية كسيوف الهند قد علموا |
|
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (١) |
وإنما تقديره أنّه هالك.
وقال الله عزوجل : (إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً)(٢).
معناه إنه كان وعد ربّنا. وكذلك إن زيد لمنطلق ، وأصله (إنّ) زيدا منطلق فخففت كما خففت (لكن) ، وأصلها (لكنّ). وأما" إن" التي للجزاء و" إن" التي تلغي في قوله : ما (إن) يقوم ، و (إن) التي في معنى (ما) فهي كلها إذا صغرتها بعد أن جعلتها أسماء. زدت فيها ياء فقلت : (أنيّ) كما تقول في (عن) : (عنيّ) وفي (من) : (منيّ) ، وكذلك ما كان على حرفين إذا كان أصله حرفين ولا تعرف الذاهب منه زدت فيه ياء ؛ لأن أكثر المحذوفات كذلك نحو (ابن) و (اسم) و (يد).
قال أبو سعيد : وكذلك (أن) التي تنصب الأفعال و (أن) الزائدة في قوله : ولمّا (أن) (جاءَتْ رُسُلُنا)(٣) ، و (أن) التي في معنى الأمر في قوله تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ (أَنِ) امْشُوا)(٤) كل ذلك يقال فيه (أنّى) ، وما كان في أوله ألف وصل كقولك (سميّ) ، و (بنيّ) ، و (ستيهه) ؛ لأن ألف الوصل تذهب على ما تقدم من علة ذلك.
هذا باب تحقير ما كانت فيه تاء التأنيث
قال أبو سعيد : اعلم أن سيبويه أراد بتاء التأنيث هاهنا ما كان من الأسماء فيه تاء في الوصل والوقف من المؤنث ، وهي في أسماء يسيرة نحو : (أخت) و (بنت) و (هنت) و (منت) و (ذيت) و (كيت) ولم تقع في غير ذلك ، فهذه التاء وإن كان قبلها ساكن ، وهي
__________________
(١) البيت من شواهد الكتاب : ٢ / ١٣٧ ، ابن يعيش : ٨ / ٧٤ ـ ٨١ ، والخزانة : ٣ / ٥٤٧ ـ ٤ / ٣٥٦.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ١٠٨.
(٣) سورة العنكبوت ، الآية : ٣٣.
(٤) سورة ص ، الآية : ٦.