فيها هاء التأنيث ، فأبدل همزة ، وهي تبدل منها كثيرا.
ومما دعا إلى قلب الهاء همزة في (ماء) وأصله (ماه) أن الهاء خفية ، والألف أيضا خفية والهمزة تبين الألف ، وتظهر معها أكثر من ظهور الألف مع الهاء ، فقلبوها همزة ، فإذا صغروا أو جمعوا كثرت الحروف بالتصغير والجمع فردوه إلى الأصل ، ولم يظهروا في التصغير الألف والياء أبين منها.
وأما (شويّ) فهو غير لفظ (شاء) اسما للجمع.
ولو سميت رجلا (ذوائب) ثم صغرته لقلت : (ذؤيئب) بهمزة قبل ياء التصغير وأخرى بعدها ؛ لأن الواو في ذوائب أصلها الهمز ، وكان أصلها (ذآئب) ؛ لأنها جمع (ذؤابة) فقلبوا في الجمع استثقالا لاجتماع الهمزتين وبينهما ألف وهي شبيهة الهمزة ، وكان ذلك من شذوذ الجمع الذي لا يطرد ، فإذا صغر رده إلى القياس ، فجعل مكان الواو همزة.
هذا باب تحقير ما كانت الألف بدلا من عينه
قال أبو سعيد : الباب مشتمل على ما كان من الأسماء على ثلاثة أحرف والثاني منها ألف ، وهي على ثلاثة أقسام : قسم منها ألفه منقلبة من واو وقسم من ياء وقسم لا أصل للألف ، ولا يعرف أصلها.
فأما ما كان من الواو فإنك تقلب الألف فيه واوا. تقول في (باب) : (بويب) وفي (مال) : (مويل) وفي (غار) (غوير) وفي المثل السائر : " عسى الغوير أبؤسا". (١)
وأما ما كان من الياء فإنك تردها في التصغير إلى الياء كقولك في (ناب) : (نييب) وفي (غار) : (غيير) إذا أردت الغيرة ، وفي (رجل) سميته ب (سار) أو (غاب): " سيير" و" غييب" ؛ لأنها من قولك (سار يسير) و (غاب يغيب) ، ألا ترى أنهم لما جمعوا جعلوه ياء فقالوا (أنياب) في (ناب) الإنسان والناب من الإبل.
وأما ما لا يعرف أصله أو لا أصل له في ياء ولا واو فإنه يجعل واوا ؛ لأن ذوات الواو في هذا الباب أكثر وذوات الياء قليلة جدّا.
فمما لا أصل له قولهم : (سار) يريدون (السّائر) تقول فيه : (سوير) ألا ترى أنّا لو صغرنا (السائر) لقلنا : (سوير) و (ذويهب) وما أشبه ذلك و (سار) في معنى (سائر) الناس لا من (سار يسير) ، قال أبو ذؤيب :
__________________
(١) مجمع الأمثال ١ / ٦٤٠ ، والكتاب ٣ / ١٥٨ ، واللسان (غور).