وقال الفراء في هذا الضرب من التصغير : إن العرب إنما تفعل ذلك في الأسماء الأعلام مثل رجل اسمه (حارث) أو (أسود) أو امرأة اسمها (غلاب) أو (فاطمة) ، ولو صغروا" فاطمة" نعتا من قولنا : فطمت المرأة صبيتها فهي فاطمة.
أو صغروا (حارثا) من (حرث يحرث) ، وليس باسم رجل أو (أسود) من (فيه سواد) وليس باسم له لم يحذفوا وقالوا : (حويرث) و (أسيّد) (فويطمة) ولم يفرق أصحابنا بين هذين.
وقد ذكر في بعض الأمثال : (عرف حميق جمله) (١) ، وهو تصغير (أحمق) ، وليس باسم له ، وإذا كان الاسم على أكثر من ثلاثة وفيه زائد حذفت الزائد فقط دون الحروف الأصلية كرجل اسمه (مدحرج) أو (حبركي) أو (جمهور) تقول فيه : (دحيرج) فتحذف الميم فقط. وفي (جمهور) " جميهر" وذكر أنه سمع من العرب في تصغير (إبراهيم) و (إسماعيل) : (بريه) و (سميع) وهذا شاذ لا يقاس عليه لأنه قد حذف منه حروف أصلية.
وقد ذكرنا فيما تقدم من الأبواب أن الهمزة في" إبراهيم" و" إسماعيل" أصلية على مذهب أبي العباس المبرد. وكذلك الميم واللام في آخر (إبراهيم) و (إسماعيل).
ومذهب سيبويه في تصغيرهما ومذهبه.
وقولهم (بريه) و (سميع) أن العرب لما سمعت ب (إبراهيم) و (إسماعيل) وليسا من كلامهم وكانت الميم واللام تزادان في كلام العرب ذهبوا بهما مذهب الزيادة وحذفوهما لطول الاسم وأنهما آخرتان ، حذفوا الهمزة لأنهم إذا جعلوا الآخر زائدا ، وكانت الياء أيضا زائدة لزيادة نظيرها في كلامهم حكم على الهمزة بالزيادة ؛ لأنها أول وبعدها ثلاثة أحرف أصول.
هذا باب ما يجري في كلام العرب مصغرا وترك تكبيره لأنه عندهم مستصغر
فاستغني بتصغيره عن تكبيره
قال سيبويه : وذلك قولهم : " جميل" و" كعيت" وهو البلبل.
وحكي عن أبي العباس المبرد أنه يشبه البلبل وليس بالبلبل ولكن يقاربه ، وقد
__________________
(١) انظر الأمثال للميداني ١ / ٦٣٤ ، والمستقصي في أمثال العرب ٢ / ١٦ ، وشرح الشافية للرضي ١ / ٢٨٣.