هذا باب تحقير المؤنث
اعلم أن ما كان على ثلاثة أحرف من المؤنث إذا صغرته زدت فيه هاء إلا أحرفا شذت ، وذلك قولك في (قدم) : (قديمة) وفي (يد) : (يديّة) وفي (فهر) : (فهيرة) وفي (رجل) : (رجيلة) وهو أكثر من أن يحصى ، وإذا صغروا المؤنث ما كان على أكثر من ثلاثة أحرف مما ليس فيه هاء التأنيث لم يدخلوا الهاء كقولك في تصغير (عناق) : (عنيّق) وفي (عقاب) : (عقيّب) وفي (عقرب) : (عقيرب) ، وإنما أدخلوا الهاء في المؤنث إذا كان على ثلاثة أحرف ؛ لأن أصل التأنيث أن يكون بعلامة ، وقد يرد التصغير الشيء إلى أصله ، فزادوا فيه ـ لما صغروه ـ الهاء وردوها للتصغير ولم يفعلوا ذلك في بنات الأربعة ؛ لأنها أثقل فصار الحرف الرابع منها كهاء التأنيث فيصير (عنيّق) و (عقيرب) بغير هاء ك (عدّة) (قديمة) و (رجيلة) بالهاء فاجتمع للثلاثة الخفة ، وأن أصل التأنيث بالعلامة وإن كان في الرباعي المؤنث ما يوجب التصغير حذف حرف منه ، حتى يصير على لفظ الثلاثي وجب رد الهاء كقولك في تصغير (سماء) : (سميّة) لأنه كان الأصل (سميّي) بثلاث ياءات فحذفت واحدة منها ، كما قالوا في تصغير (عطاء) : (عطيّ) بحذف ياء ، فلما صار ثلاثي الحروف زادوا الهاء ، وكذلك لو صغرنا (عقابا) ، و (عناقا) و (سعادا) اسم امرأة و (زينب) على ترخيم التصغير فحذفنا الزائد من (سعاد) وهو الألف ومن (زينب) وهو الياء وقلنا (سعيدة) و (زنيبة) ولو حقرت (امرأة) اسمها (سقّا) قلت : (سقيق) ولم تدخل الهاء ؛ لأنه لم يرجع في التصغير إلى مثل عدة ما كان على ثلاثة أحرف ، وقالوا في تصغير (حبارى) ثلاثة أقوال ، منهم من حذف التأنيث فقال : (حبيّر) ، لأنه يبقي (حبار) مثل (عقاب) وتصغيره (حبيّر) مثل (عقيّب).
ومنهم من حذف الألف الثالثة فيبقى (حبرى) مثل (حبلى) تقول : (حبيرى) مثل (حبيلى).
ومنهم من إذا حذف علامة التأنيث وصغر عوض ها التأنيث من ألف التأنيث فيقول : (حبيّرة).
ولا يقولون : (عنيّقة) لأنه لم يكن في (عناق) و (عقاب) علامة التأنيث فإن قال قائل : فلم كانت الهاء تثبت في التصغير ولا يعتد بها والألف المقصورة يعتد بها فيحذفونها من ذوات الخمسة فقد تقدم الجواب عن هذا.
وألف التأنيث المقصورة كحرف من حروف الاسم ألا ترى أنها قد تعود في الجمع كقولك : (حبلى) و (حبالى) و (سكرى) و (سكارى) ، فمن أجل ذلك لم يقل : (حبيّرا) إذ كانوا لا يصغرون ما كان على خمسة أحرف من مثل هذا البناء إلا بحذف فمن قال في