ومما يحقر على غير بناء مكبره المستعمل في الكلام إنسان تقول فيه (أنيسيان) وفي (بنون) : (أبينون) وفي ليلة : (لييلية) كما قالوا : (ليال) وقولهم في" رجل" : (رويجل).
أما (أبينون) فقد تقدم الكلام فيه (قبل هذا الباب).
وأما (أنيسيان) ، فكأن الأصل (إنسيان) على (فعليان) وتصغيره (أنيسيان) (ولييلية) تقديره (ليلاه) والألف زائدة فإذا جمعت قلت : (ليالي) ، وإذا صغرت قلت : (لييلية) كما تقول في (سعلاة) : (سعالي) و (سعيلية) وقولهم في (رجل) : (رويجل) أرادوا (راجلا) لأنه يقال للرّجل (راجل).
قال الشاعر :
ألا أقاتل عن ديني على فرسي |
|
ولا كذا رجلا إلّا بأصحاب (١) |
أراد (راجلا) وقد مضى نحوه
وإذا سميت رجلا أو امرأة بشيء من ذلك ثم صغرته جرى على القياس فقلت في (إنسان) " أنيسان" وفي (ليلة) " لييلة" وفي (رجل) " رجيل".
ومن الشذوذ قولهم في (صبية) : (أصيبية) وفي (غلمة) : (أغيلمة) كأنهم حقروا (أغلمة) و (أصبية) لأن" غلاما" (فعال) مثل (غراب) و (صبيّ) فعيل (مثل) " قفيز" وبابهما في أدنى العدد (أفعلة) ك (أغربة) و (أقفزة) فردوه في التصغير إلى الباب.
ومن العرب من يجيء به على القياس فيقول : (صبيّة) و (غليمة) قال الراجز :
صبيّة على الدّخان رمكا |
|
ما إن عدا أصغرهم أن كّا (٢) |
وقال أبو العباس المبرد إنما هو لما عدا أكبرهم كأن المعنى يوجب ذلك ؛ لأنه أراد تصغيرهم فإذا كان أكبرهم بلغ إلى الزكيك من المشي فمن دونه لا يقدر على ذلك ، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
هذا باب تحقير الأسماء المبهمة
قال سيبويه : " اعلم أن التحقير يضمّ أوائل الأسماء إلا هذه الأسماء ، فإنها يترك
__________________
(١) البيت ليحيى بن وائل في ابن يعيش ٥ / ١٣٣ ، وشرح شواهد الشافية ١٠٣ ، ١٠٦.
(٢) البيتان من الرجز المشطور قائلهما رؤبة في ديوانه ١٢٠ ، وشرح الشواهد للأعلم ٢ / ١٣٩ ، والمقتضب ٢ / ٢١٢ ، والعيني ٤ / ٥٣٦.