ما جوزي بها.
وإنما يريد بذلك الفرق بين (ربما) و (كثر ما) وبين لام القسم ، لأن لام القسم تلزم فيه النون وربما لا تلزم بعد ما النون ومعنى قوله : واللام ليست مع المقسم به كحرف واحد إلى آخر الباب.
يعني أن لام القسم ليست كما في (ربما) لأن (ما) و (رب) شيء واحد ولا كما ب (ألم ما تختننه) لأن (ما) بعد (ألم) زائدة لغو واللام لازمة للفعل ومنفصلة من المقسم به.
هذا باب أحوال الحروف التي قبل النون الخفيفة والثقيلة
قال أبو سعيد : أما فعل الواحد فإن ما قبل النون فيه مفتوح خفيفة وثقيلة وسواء كان الفعل في موضع جزم أو في موضع رفع كقولك في الجزم : (لا تضربن زيدا) و (لا تضربن زيدا) وإنما فتحوا لأن النون الخفيفة ساكنة والشديدة نونان الأولى منهما ساكنة فاجتمع ساكنان الحرف المجزوم والنون الساكنة فكرهوا ضمه وكسره لأنه لو كسر لالتبس بفعل المؤنث كقولك : (لا تضربنّ زيدا) ، وإن ضم التبس بالجمع كقولك للجماعة : (لا تضربنّ زيدا) ، وأما في الرفع فقولك : (هل تضربنّ زيدا) (والله لأضربن زيدا) والعلة فيه كالعلة في المجزوم ؛ لأنهم لو تركوا الضمة لالتبس بفعل الجماعة فأبطلوا الإعراب في الرفع كما أبطلوه في الجزم ثم فتحوه لاجتماع الساكنين وتقول في الاثنين إذا أدخلت النون الشديدة : (اضربان زيدا) أو (لا تضربان زيدا) كما قال الله : (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(١).
فإن قال قائل : فهلا حذفوا الألف لاجتماع الساكنين هي والنون الساكنة بعدها كما حذفوا الواو في (لا تضربن) والياء في (لا تضربن) والأصل (لا تضربوا) و (لا تضربي)؟ قيل له لو حذفوا الألف للزم أن يقال : (لا تضربن يا زيدان) ، فأشبه فعل الواحد المذكر فاجتنبوا اللبس وأثبتوا الألف وشبهوها بدابة فالنون المشددة بعد الألف كالباء المشددة بعد الألف في دآبة ، فإذا كان في موضع رفع في تثنية أو جمع أو فعل مؤنث حذفت النون التي هي علامة الرفع لبطلان الإعراب مع دخول نون التوكيد ، ولأن فعل الواحد المذكر إنما دخلت عليه النون وانفتح ما قبلها من الفعل ، صار بالفتح كأنه منصوب والفعل المنصوب لا تدخل عليه النون التي هي علامة الرفع ، ومن أجل اجتماع النونات أيضا ؛
__________________
(١) سورة يونس ، الآية : ٨٩.