والمفتوحات من حروف العلة في هذا الباب لا تسقط ، ولا تعتل وصارت النون كألف التثنية في انتفاء الواو والياء قبلها ، وفي قلب الألف واوا أو ياء قبلها إذا قلت : (عصوان) ، و (رحيان) وفي الفعل (رنوا) و (رميا) وأريد أن تغزوا وترميا وتخشيا فعلى ذلك تقول في النون (أرمينّ) و (أخشينّ) و (أغزونّ).
قال الشاعر :
استقدر الله خيرا وأرضينّ به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير (١) |
والزائد من هذا (سلقينّ) و (جعبينّ) و (تجعبينّ) ، و (هل تتجعبينّ) وقد مر جملة هذا الباب فيما ذكرناه قبله.
هذا باب ما لا تجوز فيه نون خفيفة ولا ثقيلة
وذلك ما كان موضوعا موضع الفعل وليس بفعل أو كان فعلا في الأصل ودخل عليه ما بني معه فألزمه لفظا واحدا ومنعه من التثنية والجمع فأما ما كان موضوعا موضع الفعل وليس بفعل : (ايه) و" (مه) و (صه") وأما ما كان فعلا في الأصل ودخل عليه ما منعه التثنية والجمع فقولهم : (هلم) في لغة أهل الحجاز يقولون للواحد : (هلم) وللاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد (هلم يا زيدان) و (هلم يا زيدون) و (هلم يا امرأة) و (هلم يا نسوة) قال الله عزوجل : (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا)(٢) ولم يجمع فلا يدخل على هذا النون ، لأنه خرج عن تصرف الفعل وصار بمنزلة الموضوع موضعه ، وأما بنو تميم فإنهم يثنون ويؤنثون ويقولون : (هلمّا يا زيدان) ، و (هلمّوا يا رجال) و (هلمّي يا امرأة) و (هلممن يا نسوة) فهؤلاء يدخلون النون فيقولون : (هلمّنّ يا زيد) ويجرون النون الداخلة عليه مجراها في (ردّنّ) وأصل هذا عند سيبويه ـ وقد ذكره في هذا الباب ـ " ها" ضم إليها" لم" كما تقول : " ردّ" على لغة بني تميم وحذفوا الألف تخفيفا.
ثم اجتمع عليه أهل الحجاز وبنو تميم في اللفظ ، ولم يصرفه أهل الحجاز لأنهم جعلوها معها كشيء واحد ، وصرفه بنو تميم وغير سيبويه من النحويين يقول : إن أصله" هل" زاد عليه" ام" التي في معنى أقصد وحذفوا الهمزة لما جعلوهما كشيء واحد ، وضموا
__________________
(١) نسب هذا البيت في كتاب المعمرين : ٤٠ لحديث بن جبلة ونسب أيضا لابن عيينة المهلبي (انظر ترجمته في معجم الشعراء للمزرباني ٢٦٧).
انظر شرح شذور الذهب ١٧٦ ، وابن الشجري : ٢ / ٢٠٧ ، والدرر اللوامع : ٣ / ١٠٠.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ١٨.