فيلتقيا ولم يكونوا ليحركوا العين الأولى ؛ لأنهم لو فعلوا ذلك لم ينجوا من أن يرفعوا ألسنتهم مرتين فلما كان ذلك لا ينجيهم أجروه على الأصل ولم يجز غيره.
يريد أنا لو أدغمنا الدال الثانية من (ردّد) و (يردّد) في الدال الثالثة لوجب أن تلقي حركتها على الدال الأولى فنقول : (رددّ) و (يرددّ) وكذلك كل ما كان على (فعّل يفعّل) من هذا نحو (عضّض يعضّض) ولو فعلنا هذا لم ننج من ذكر حرفين أحدهما غير مدغم في الآخر ؛ لأن العين الأولى إذا وقعت عليها حركة العين الثانية واندغمت العين الثانية في لام الفعل ، فقد ظهرت العين الأولى غير مدغمة والحرف الذي بعدها غير مدغم ، وإنما يريد بالإدغام التخفيف ، فإذا أدغمنا (ردّد) و (عضّض) فالذي نكرهه من إظهار الحرفين نقع في مثله.
وذكر سيبويه :
" أن الشعراء إذا اضطروا إلى إظهار المدغم وإخراجه على الأصل فعلوا ذلك".
وأنشد ما قد ذكره في أول الكتاب من الضرورة كقول قعنب ابن أم صاحب :
مهلا أعاذل قد جربت من خلقي |
|
أنيّ أجود لأقوام وإن ضننوا (١) |
وقال الآخر :
تشكو الوجى من أظلل وأظلل (٢)
وقد ذكرناه في موضعه.
هذا باب المقصور والممدود
ويقال للمقصور ـ أيضا ـ منقوص ، فأما قصرها فهو حبسها عن الهمزة بعدها وأما نقصانها فنقصان الهمزة منها.
قال أبو سعيد : اعلم أن المقصور والممدود كل واحد منهما على ضربين فأما ضربا المقصور فأحدهما أن يقع واو أو ياء طرف الاسم وقبلها فتحة فتنقلب ألفا ولا يدخلها إعراب لأنها لا تتحرك ، فإذا احتيج إلى تحريكها في التثنية ردت إلى الأصل الذي منه
__________________
(١) البيت في الخصائص : ١ / ١٦٠ ، ٢٥٧. شرح شواهد المغني ٤٩٠ ، ابن يعيش : ٣ / ١٢ ، الموشح : ٩٤.
(٢) البيت للعجاج انظر ديوانه : ٤٧ ، والخصائص : ١ / ١٦١ ، شواهد الشافية : ٤٩١.