ومن العرب من لا ينون (علقّي) ويجعل الألف للتأنيث فيقول : هذه (علقي) كثيرة وهذه (علقي) واحدة يا فتى وأنشدوا بيت العجاج :
يستنّ في علقي وفي مكور (١)
غير منون.
هذا باب ما كان على حرفين وليست فيه علامة التأنيث
أما ما كان أصله" فعلا" فإنه إذا كسّر على بناء أدنى العدد كسّر على أفعل (وذلك) نحو (يد) و (أيد) وإن كسّر على بناء (أكثر) العدد كسّر على" فعال" و" فعول" وذلك قولهم : (دماء) و (دميّ) لمّا ردوا ما ذهب من الحروف كسّروه على تكسيرهم إياه لو كان غير منتقص عن الأصل نحو (ظبي) و (دلو).
قال أبو سعيد : اعلم أنّ هذا المؤنث الذي ليس في آخره هاء يجمع على تقدير التمام. فما أوجبه بناؤه على التمام من الجمع عمل عليه ، فمن ذلك (يد) و (دم) هما عند سيبويه" فعل". كان أصله" يدي و" دمي" بتسكين الحرف الثاني وهذا البناء جمعه القليل يجيء على" أفعل" وكثيره على (فعال) و (فعول) فجمع (يد) على الجمع القليل فقيل" أيد" وهو (أفعل) كما قيل (ثدي) و" أثد" و" ظبي" و" أظب" و (جدى) و" أجد" وجمع" دم" على الجمع الكثير فقيل" دماء" كما قيل (ظباء) و" دميّ" كما قيل" ثديّ" ، فكان بمنزلة ما جاء جمعه الكثير على فعال وفعول كقولنا (كعاب) و (كعوب) و (فراخ) و (فروخ).
وقد كان أبو العباس محمد بن يزيد يذهب إلى أن" دما" (فعل) ويستدل على ذلك بأشياء منها أن الشاعر حين اضطر إلى ردّ الذاهب بناه على" فعل" فقال :
ولو أنّا على جحّر ذبحنا |
|
جرى الدّميان بالخبر اليقين (٢) |
ومنها أنك تقول" دميت" ومصدر فعلت يجيء على فعل كقولنا (فرقت فرقا) وفيما قرأناه على أبي بكر بن دريد رحمهالله :
__________________
(١) البيت من مشطور الرجز. انظر ديوان الشاعر ص : ٢٩ ، والخصائص : ١ / ١٧٣ ، والتبصرة والتذكرة : ٢ / ٥٤٩ ، والمخصص : ١٦ / ٨٨.
(٢) البيت من أبيات نسبها ابن دريد لعلي بن بدال ، وأدخلها ابن الشجري وصاحب الحماسة البصرية في قصيدة المثقب العبدي وليست في ديوانه وقصيدة المثقب في المفضليات ٢٨٨ ـ ٢٩٢ ، وليس فيها هذا الشاهد.