بناء الاسم.
قال : " وأما ما كان من هذه الأسماء (الأربعة) مؤنثا ـ يعني فعال وفعال وفعال وفعيل ـ فإنهم إذا كسّروه على بناء أدنى العدد كسّروه على (أفعل) ، وذلك قولك (عناق) و (أعنق) وقالوا في الجميع ـ يعني الكثير ـ (عنوق) فكسروها على" فعول" كما كسروها على" أفعل" بنوه على ما هو بمنزلة" أفعل" كأنهم أرادوا أن يفصلوا بين المذكر والمؤنث كأنهم جعلوا الزيادة التي فيه إذ كان مؤنثا بمنزلة الهاء في (قصعة) و (رحبة) وكرهوا أن يجمعوه جمع (قصعة) ، لأن زيادته ليست كالهاء فكسروه تكسير ما ليس فيه زيادة من الثلاثة حيث شبه بما فيه الهاء منه ، ولم تبلغ زيادته الهاء ، لأنها في الحرف نفسه وليست علامة تأنيث لحقت الاسم بعد ما بني ك (حضر موت)."
قال أبو سعيد : قد تقدم أن أقل العدد من هذه الأبنية الأربعة في المذكر على" أفعلة" كقولنا (حمار) و (أحمرة) و (غراب) و (أغربة) و (قذال) و (أقذلة) ورغيف و (أرغفة) ، وفي المؤنث على" أفعل" كقولنا (عناق) و (أعنق) و (ذراع) و (أذرع) و (عقاب) و (أعقب) و (يمين) و (أيمن).
قال سيبويه : جعلوا التأنيث الذي فيه وإن لم يكن بعلامة كالتأنيث الذي في (قصعة) و (رحبة) (ففصلوا بين ما فيه التأنيث كما فصلوا بين قصعة ورحبة) وبين (كلب) و (جمل) ، ألا ترى أنه لا يقال في (قصعة) (أقصع) كما يقال في (كلب) : (أكلب) ولا في (رحبة) : (أرحاب) كما يقال في" جمل" : (أجمال) ولم يجمعوه جمع ما فيه هاء التأنيث ، لأن (فعالة) و (فعالة) و (فعيلة) لا يجمع في أدنى العدد على (أفعل).
وإنما أراد سيبويه أنهم فرقوا بين المذكر والمؤنث كما فرقوا بين (قصعة) ، و (فلس) فجمعوه على خلاف جمع المذكر واختاروا له أخف أبنية أدنى العدد وشبهوه بنزعهم الهاء من عدد المؤنث وإثباتهم إياها في المذكر كقولنا في المؤنث : (ثلاث وأربع وخمس) وفي المذكر (ثلاثة وأربعة وخمسة).
ومعنى قوله : " وكرهوا أن يجمعوه جمع (قصعة) لأن زيادته ليست كالهاء" يعني أنهم كرهوا أن يجمعوه جمع (فعالة) و (فعالة) ، لأن التأنيث الذي فيه ليس بعلامة ، وإنما هو شيء في نفس الحرف فأسقط منه الزيادة يعني الألف في" فعال" والياء في" فعيل" فصار على ثلاثة أحرف. وبنى على" أفعل" كما بنى ما كان على ثلاثة أحرف (كفعل). ومعنى قوله : " قالوا في الجميع (عنوق) فكسروها على" فعول" كما كسروها على" أفعل" بنوه