هذا باب تسميتك الحروف بالظروف وغيرها من الأسماء
قال سيبويه : " اعلم أنك إذا سميت كلمة ب (خلف) أو (فوق) أو (تحت) لم تصرفها ؛ لأنها مذكرات"
وجملة هذا أن الظروف وغيرها فيها مذكر ومؤنث ، وقد يجوز أن نذهب بكل كلمة منها إلى معنى التأنيث ، بأن تتأول بأنها (كلمة) وإلى معنى التذكير ، بأن تتأول أنها (حرف) ، فإن ذهبت إلى أنها (كلمة) ، سميتها باسم مذكر على أكثر من ثلاثة أحرف أو ثلاثة أحرف أوسطها متحرك لم تصرف ، كما لم تصرف امرأة سميتها بذلك ، وإن سميتها بشيء مذكر على ثلاثة أحرف ، وأوسطها ساكن ، وقد جعلتها كلمة ، فحكمها كحكم امرأة سميتها بزيد ، فلا تعرفها على مذهب سيبويه ، وما كان على حرفين فهو بمنزلة ثلاثة أحرف وأوسطها ساكن. فمن المذكر (تحت) و (خلف) و (قبل) و (بعد) و (أين) و (كيف).
و (ثم) و (هنا) و (حيث) و (كل) و (أي) و (منذ) و (مذ) و (قط) و (قط) و (عند) و (لدى) و (لدن) وجميع ما ليس عليه دلالة للتأنيث بعلامة أو بفعل له مؤنث.
من الظروف المؤنثة (قدام) و (وراء) لأنه يقال في تصغيرهما قديمة ووريئة ، مثل : وريعة.
ومنهم من يقول : وريّة مثل" جرية" ، فلما أدخلوا الهاء في هذين الحرفين ، ولم يدخلوا في (تحيت) و (خليف) و (دوين) و (قبيل) و (بعيد) علمنا أن ما دخل عليه الهاء مؤنث والباقي مذكر. فإن قال قائل : وكيف جاز دخول الهاء في التصغير على ما هو أكثر من ثلاثة أحرف؟
قيل له : المؤنث قد يدل فعلها على التأنيث ، وإن لم تصغر ، ولم تكن فيها علامة التأنيث ، كقولنا : لسبت (١) العقرب ، وطارت العقاب ، والظروف لا يخبر عنها بأفعال تدل على التأنيث ، فلمّا لم يدخلوا عليها الهاء في التصغير لم يكن على تأنيثها دلالة ، فإن خبّرنا عن (خلف) و (فوق) وسائر ما ذكرنا من المذكر ، وقد جعلناها كلمات لم نصرفها على قول سيبويه.
__________________
(١) لسبته الحية والعقرب ، أي لدغته. انظر اللسان (لسب).